للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا اجتهاد منه رحمه الله بذكره لهذه العلَّة، وهذه أمور يعرفها الأطباء (١) وإن سلَّمنا بذلك فهذا لا دليل عليه؛ لأن الأصابع مثلًا غير متساوية في نفعها؛ فمنها ما يحتاج إليه الإنسان كثيرًا، ومنها ما يحتاج إليه قليلًا، ومنها ما لو زال أثَّر كثيرًا، وبعضها يكون أثرُه أقلَّ، ولذلك روي عن عمر - رضي الله عنه - أنه اجتهد في وضع ديتها، فلما بلغه كتاب عمرو بن حزم رجع إليه، كما سيأتي ويشير المؤلف إلى ذلك ونعلِّق عليه (٢).

أما تفريق سعيد بن المسيب بينهما بأن جعل في اليسرى الثلثين، وفي الأُخرى الثلث، وعلَّل ذلك؛ بأن هذه مكان النسل أو التناسل، لكننا نقول: بأن الحديث لم يفرِّق بينهما حيث قال: "وفي البيضتين الدية"، والأمر الآخر: أن هذه التفرقة مردودة بأشياء كثيرة (٣)؛ فهل فائدة الأجفان التي على العينين متساوية؟ وهل فائدة الشفتين متساوية؟

الجواب: لا. وكذلك أيضًا الأصابع تختلف منافعها، وما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينبغي أن يوقف عنده.

وهذا القول مردود بأشياء أُخرى اختلفت منافعها زيادة ونقصًا، ومع ذلك أجمع العلماء على أنها متساوية بالنسبة للدية.

قوله: (فَهَذِهِ مَسَائِلُ الأَعْضَاءِ الْمُزْدَوِجَةِ).

لم يستقصر المؤلف رحمه الله مسائل الباب؛ فلم يذكر الأليتين، وقد تكلم عنهما العلماء وقالوا: "فيهما الدية" (٤)، وكذلك بالنسبة للّحيين الذين


(١) قال عمرو بن شعيب: "إني لأعجب من تفضيل إحداهما على الأُخرى، وقد أخصنيا غنمًا لنا من الجانب الأيسر، فألقحن من الجانب الأيمن، هما سواء". انظر: "الأوسط" لابن المنذر (١٣/ ٢٩٣).
(٢) سيأتي قريبًا.
(٣) وذكرنا شيئًا منها عن عمرو بن شعيب.
(٤) مذهب الحنفية، يُنظر: "البحر الرائق" لابن نجيم (٨/ ٣٥٠) قال: "وفي الأليتين إذا قطعتا كمال الدية وفي الظهيرية وفي أحدهما نصف الدية". =

<<  <  ج: ص:  >  >>