للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: "لَكِنَّ فِي هَذَا ضَعْفٌ؛ إِذْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَتْرُكَ الْقَوْلَ بِهِ إِمَّا لِأنَّهُ لَا يَرَى الْقِيَاسَ).

ليس كلُّ الصحابة يردُّون القياس؛ فممن اشتهر منهم القياس: عمر بن الخطاب، وعبد اللّه بن مسعود، ولذلك يقولون: "مدرسة الرأي"، وهي تنتسب إلى هؤلاء، ولعمر - رضي الله عنه - آراء كثيرة، ولكن ما المعتبر في القياس؟

الجواب: هو الذي لا يخالف نصًّا، والقياس ليس كما قال أهل الظاهر في قول اللّه تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: ٢].

و"الاعتبار": إنما هو أخذ المقايسة (١)، والرسول - صلى الله عليه وسلم - قاس وعمل بالقياس فعندما جاءه رجلٌ فقال: إن امرأته ولدت غلامًا يخالف لون أبيه وأمِّه" فسأله رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "أعندك إبل؟ " قال: نعم. قال: "ما ألوانها؟ " قال: كذا وكذا. قال: "هل فيها من أورق؟ " قال: نعم. قال: "وأين أتى؟ " قال: لعله نزعة عِرق. قال: "لعلَّ ابنك نزعة عرق أيضًا" (٢).

فالقياس إذا لم يخالف نصًّا من كتاب اللّه - عَزَّ وَجَلّ - أو من سنَّة رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فإنه يؤخذ به (٣)، وكثير من الأمور لم تكن موجودة في زمن رسول اللّه -صلى الله عليه وسلم - فعندما نأتي إلى الربويَّات التي ورد تحريمها فهل الأزر كان معروفًا؟

الجواب: لا، ولكن نقول بتحريمه قياسًا على الحِنطة والقمح بجامع


= الأدلة. وانظر: "المحصول" للرازي (٦/ ١٢٩)، و"المسودة" لآل تيمية (ص ١٢٨)، وصنف العلائي كتاب "إجمال الإصابة في أقوال الصحابة" جمع فيه ما يخص هذا الباب.
(١) "الاعتبار": رد الشيء إلى نظيره بضرب من الشبه، فهو: حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم أو نفيه بإثبات صفة أو حكم أو نفيهما عنهما. انظر: "العدة في أصول الفقه" لأبي يعلى (٤/ ١٣٤٧)، و"المنخول" للغزالي (ص ٤٢٢).
(٢) أخرجه البخاري (٥٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠/ ١٨).
(٣) يُنظر: "التبصرة" للشيرازي (ص ٤١٦)، و"المحصول" للرازي (٥/ ٣)، و"المسودة" لآل تيمية (ص ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>