للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجة أبي حنيفة: أنه جاء في حديث المرأتين اللتين اقتتلتا فرمت إحداهما الأُخرى بحجر فأمر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بديتها ودية جنينها على العاقلة (١). فجعل الدية على العاقلة، وهي عشر، فكذلك هنا.

لكن الجمهور أجابوا وهم المالكية والحنابلة: أن ما ورد إنما هو في حالة واحدة، وهي: إذا ضُرب بطن الأم فمات الجنين مع أمِّه فيكون ذلك هو تقديره، أما لو مات منفردًا أو بقيت أمُّه حية فلا يدخل في ذلك.

* قوله: (قَالَ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ شُبْرُمَةَ (٢): "الْمُوضِحَةُ فَمَا زَادَ عَلَى الْعَاقِلَةِ"، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ (٣): "تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مِنْ دِيَةِ الْخَطَإِ").

وجهة الإمام الشافعي - رَحِمَه اللَّهُ -: أن مَن يحمل الكثير يحمل القليل؛ فإذا كانت العاقلة التي لا ذنب لها ولا يدَ لها ولا دخل لها في هذه الجناية قد حملت الكثير؛ فأولى أن تحمل القليل، فلذلك القاعدة المعروفة تقول: "من يحمل الكثير يحمل القليل". وإيجاب الدية في قتل الخطإ على العاقلة، وكذلك في القتل شبه العمد والقصد من ذلك هو التخفيف عن القاتل ومواساته وتطمين نفسه؛ لأن هذا لم يقتل قصدًا ولا عمدًا، وما أراد القتل أصلًا ولا أراد الاعتداء، فهو بحاجة إلى أن يخفف عنه، وأن ييسر عليه، وأن يؤانس، وأن تطمئن نفسه، وأولى الناس بذلك هم عصبته، وقد اختلف العلماء في تعريف العاقلة؟

فرأى الأكثر أنهم العصبة (٤).


(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٢٦) قال: "وقال الثوري وابن شبرمة الموضحة فما زاد على العاقلة".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٢٦) قال: "وقال عثمان البتي والشافعي تحمل العاقلة القليل والكثير من أروش الدماء في الخطأ من قتل وجرح من حر وعبد وذكر وأنثى".
(٤) فمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (٤/ ٢٨٢) قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>