للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثلاثة؛ مالك وأحمد والشافعي فلم يوافقوه، واحتجوا بحديث سهل بن أبي حثمة، وفيه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يسألهم؛ يعني لم يسأل الأنصار: هل كان فيه أثر جراح أو لا؟ قالوا: فلو كان ذلك شرطًا لسأل عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذن الحنفية (١) يقولون: يشترط أن يكون به أثر؛ لاحتمال أن يكون مات حتف أنفه، أو أن يكون سائرًا في الطريق فسقط فمات، أو أغمي عليه، أو حصلت له سكتة، إلى غير ذلك، فمات في الطريق.

إذن لا بد أن تكون هناك علامة، أو أثر كأثر ضرب أو طعنة أو غير ذلك، أما جمهور العلماء فقالوا: ليس في الحديث ما يدل على ذلك؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لمحيصة وحويصة وعبد الرحمن بن سهل: هل وجد فيه علامة؟ هل كان فيه أثر يدل على ذلك؟.

هذه أمر، الأمر الآخر أنهم قالوا: إن الإنسان قد يقتل ولا يوجد عليه أثر، يأتي إنسان فيخنقه أو يضع شيئًا على فمه حتى يسكته، إلى غير ذلك أيضًا أو أن يقصر خصيتيه حتى يقتله، فالأمتلة كثيرة في ذلك، إذن الجمهور قالوا: ليس في الحديث ما يدل على هذا الشرط، وأيضًا قد يحصل الموت بغير أثر.

* قوله: (وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ أَوْجَبَ الْقَسَامَةَ بِنَفْسِ وُجُودِ الْقَتِيلِ فِي الْمَحَلَّةِ دُونَ سَائِرِ الشَّرَائِطِ الَّتِي اشْتَرَطَ الشَّافِعِيُّ) (٢).


(١) تقدم قولهم.
(٢) يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٩/ ٥٠) حيث قال: " (وجد قتيل) أو بعضه وتحقق موته (في محلة) منفصلة عن بلد كبير (أو) في (قرية صغيرة) لمن لا يطرقها غيرهم وإن كان أهلها أصدقاءه لأن كلًّا منهما حينئذٍ كدار أو مسجد نفرق فيه جمع عن قتيل فإن طرقها غيرهم اشترط كونها (لأعدائه) أو أعداء قبيلته دينًا أو دنيا ولم يخالطهم غيرهم على ما أطال به الإسنوي وغيره في الانتصار له ورد قولهما هو لوث وإن خالطهم غيرهم وهو المعتمد لأن قرينة عداوتهم قاضية بنسبته إليهم من غير معارض قوي وبه فارق ما لو ساكنهم غيرهم فإنه غير لوث لأن المساكنة أقوى من المخالطة فكانت النسبة إلى الكل متقاربة".

<<  <  ج: ص:  >  >>