للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني تلك الشروط التي ذكره المؤلف عن الإمام الشافعي ووافقه في غالبها الإمامان مالك وأحمد هناك من لا يشترطها، وسنرى أنه ينسب ذلك القول إلى بعض الصحابة كعمر.

* قوله: (وَدُونَ وُجُودِ الأَثَرِ بِالْقَتِيلِ الَّذِي اشْتَرَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ (١) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ بِهِ الزُّهْرِيُّ وَجَمَاعَة مِنَ التَّابِعِينَ (٢)) (٣).

أما ما أُثر عن عمر - رضي الله عنه - فقد ذكرت قبل أن رجلًا وجد قتيلًا بين حيين، فحلفهم عمر - رضي الله عنه - خمسين يمينًا، وجعل الدية على أقربهما، أي: على أقرب الحيين، قالوا: لا أيماننا وقت أموالنا، ولا أموالنا وقت أيماننا، يعني حفظتها، فقال لهم عمر - رضي الله عنه -: حقنتم بأموالكم دماءكم (٤)، بل هذه الأموال أفادتكم؛ لأنها حقنت دماءكم، إذن يقول بأن عمر - رضي الله عنه - وجده بين حيين ولم يرد في أثر عمر وجود أثر في القتيل، وإنما وجد بين حيين، فلما طلب من أولئك أن يحلفوا فحلفوا خمسين يمينًا ومن الحي الآخر، اجتهد - رضي الله عنه - ورأى أن يلحقه بأقرب الحيين؛ لأن الشبهة أقرب.


(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال بن الهمام (١٠/ ٣٧٣) حيث قال: "وأما شرطها .... وأن يكون في الميت الموجود أثر القتل، وأما لو وجد ميتًا لا أثر به فلا قسامة ولا دية".
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٨/ ١٥٣) حيث قال: "وقد أوجب قوم من العلماء فيه القسامة منهم الزهري وغيره وجماعة من التابعين".
(٣) يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٢٨٦) حيث قال: "وروي أن سيدنا عمر - رضي الله عنه - حكم في قتيل وجد بين قريتين فطرحه على أقربهما وألزم أهل القرية القسامة والدية، وكذا روي عن سيدنا علي - رضي الله عنه - ولم ينقل الإنكار عليهما عن أحد من الصحابة - رضي الله عنه - فيكون إجماعًا".
(٤) أخرجه البيهقي في الكبرى (٨/ ٢١٤) عن الشعبي، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب في قتيل وجد بين خيوان ووادعة، أن يقاس ما بين القريتين، فإلى أيهما كان أقرب أخرج إليهم منهم خمسين رجلًا حتى يوافوه مكة، فأدخلهم الحجر فأحلفهم، ثم قضى عليهم بالدية، فقالوا: ما وقت أموالنا أيماننا، ولا أيماننا أموالنا، قال عمر - رضي الله عنه -: كذلك الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>