للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن الإمامان مالك وأحمد قالا: لا يؤخذ بها إلا واحد، يعني ليس لهم أن يطلبوا أكثر من واحد، فإذا قتل لهم قتيل فإنهم يختارون واحدًا ويحلفون خمسين يمينًا على أن فلانًا هو الذي قتله، وحجة هؤلاء هو ذلكم الحديث الذي مر في القسامة؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: "تحلفون خمسين يمينًا فتدفعه إليكم يهود برمته" "تحلفون على خمسين يمينًا على رجل واحد فيدفع إليكم برمته " يعني تعطونه، قالوا: فهنا خص ذلك بواحد، فينبغي أن نقف عنده.

وغيرهما من أهل العلم قالوا: هذا حكم أوجب القود، فما يقع على الواحد يقع على الجماعة، إذن مالك وأحمد احتجا بظاهر الحديث؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: "تخلفون خمسين يمينًا على رجل منهم فيدفع إليكم برمته"، أي: يسلم لكم، وغيرهما قالوا: هذه بينة وجب بها القود، وما وقع على الواحد يقع على الجماعة، فمن أهل العلم من أخذ بواقع النص، ومنهم من استنبط ذلك استنباطًا، فأيهما أولى؟ لا شك أن من وقف عند الحديث أولى وأقرب أن يؤخذ برأيه.

* قوله: (وَقَالَ أَشْهَبُ: يُقْسَمُ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَيُقْتَلُ مِنْهَا وَاحِد عَيَّنَهُ الأَوْليَاءُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ) (١).

أشهب من أصحاب مالك، إذن هذا أول من خالف الإمام مالكًا في رأيه.


= واحد لا اثنين فأكثر (معين) لقوله للأنصار: "يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع إليكم برمته" ولأنها بينة ضعيفة خولف بها الأصل في قتل الواحد فاقتصر عليه (فلو قالوا)، أي: ورثة القتيل (قتله هذا مع آخر) فلا قسامة لما تقدم من اشتراط اتحاد المدعى عليه (أو) قالوا قتله (أحدهما فلا قسامة) لأنها لا تكون إلا على معين".
(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطإ" للباجي (٧/ ٥٤) حيث قال: "وقال أشهب إن شاؤوا أقسموأ على واحد، أو على اثنين، أو على أكثر، أو على جميعهم، ثم لا يقتلون إلا واحدًا ممن أدخلوه في قسامتهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>