للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

توجب القود أو الدية، فوجبت فيها تشبيهًا بالحر، ومن نفوها قالوا: لا يجب ذلك قسامة قالوا: لأنه بمثابة البهيمة.

ولكن الجمهور ردوا ذلك التعليل وضعفوه، وقالوا: تلك البهيمة لا قصاص فيها، فكيف يقاس عليها؟ يعني أنتم شبهتم العبد بالبهيمة ولا بد أن يكون المقيس مشابهًا للمقيس عليه في العلة، فأين العلة؟ فالبهيمة ليس فيما بينها قصاص، لا يقام القصاص بين البهائم، وما جاء في ذلك إنما يكون يوم القيامة، حيث إن ذات القرنين تقتص من الجماء، أما في الدنيا فلا، إذن قالوا: هذا تعليل ضعيف، ولذلك فالأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد قالوا هو أشبه بالحر، وأيضًا نحن إذا نظرنا هو إنسان وله كرامته، والله تعالى يقول: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: ٧٠]، وهو مؤمن، والمؤمن أيضًا له مكانة عظيمة عند الله، وكونه مملوكًا لا يسقط جميع حقوقه، نعم خفف عنه في أمور؛ لمصلحته ولكونه مملوكًا، فهو يباع ويشترى، لكن قول الذين قالوا بأنه كالحر في هذا المقام أولى.

*قوله: (وَالدِّيَةُ عِنْدَهُمْ فِيهَا فِي مَالِ الْقَاتِلِ).

والدية عندهم في مال القاتل، وليست على العاقلة.

*قوله: (وَلَا يَحْلِفُ فِيهَا أَقَلُّ مِنْ خَمْسِينَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا عِنْدَ مَالِكٍ (١)، وَلا يَحْلِفُ عِنْدَهُ أَقَلُّ مِنِ اثْنَيْنِ فِي الدَّمِ (٢)، وَيَحْلِفُ


(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٤/ ٢٩٣) حيث قال: "وهي، أي: القسامة من البالغ العاقل (خمسون يمينًا متوالية) فلا تفرق على أيام، أو أوقات (بتّا)، أي: قطعا بأن يقول بالله الذي لا إله إلا هو لمن ضربه مات، أو لقد قتله واعتمد البات على ظن قوي ولا يكفي قوله: أظن، أو في ظني (وإن أعمى، أو غائبًا) حال القتل لاعتماد كل على اللوث المتقدم بيانه".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير و"حاشية الدسوقي" (٤/ ٢٩٥) حيث قال: "ولا يحلف أيمان القسامة (في المعمد أقل من رجلين عصبة) من النسب سواء ورثوا أم لا وأما النساء فلا يحلفن في العمد لعدم شهادتهن فيه فإن انفردن صار المقتول كمن لا وارث له فترد الأيمان على المدعى عليه".

<<  <  ج: ص:  >  >>