للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه من مال الابن، فكأنها داخلة في مال الأب، فهذه شبهة، وفي الحديث الآخر: "لا يقاد الوالد بولده" (١) فاعتبر جمهور العلماء أن تلك شبهة فلا يقام الحد على الأب.

* قوله: (فَقَالَ الْجُمْهُورُ (٢): لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: لِرَجُلٍ خَاطَبَهُ: "أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ"، وَيقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "لَا يُقَادُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ") (٣).

"أنت ومالك لأبيك" مر بنا هذا الحديث عدة مرات، وفيما إذا أخذ الوالد من مال ولده فإن ذلك جائز له عند الحاجة، وأنه أيضًا لا يقطع الوالد بأخذه من مال ولده، وأنه كذلك لا يقاد الوالد من ولده، وقد مر


(١) أخرجه الترمذي (١٤٠٠) عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يقاد الوالد بالولد" وصححه الألباني في إرواء الغليل (٢٢١٤).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٣٥) حيث قال: "وكذلك وطء الأب جارية الابن لا يوجب الحد وإن علم بالحرمة؛ لأن له في مال ابنه شبهة الملك -هو الملك من وجه- أو حق الملك لقوله -عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك"".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الكافي" لابن عبد البر (٢/ ١٠٧٤) حيث قال: "ومن زنى بجارية ولده فلا حد عليه". وانظر: "التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس" لابن الجلاب (٢/ ٢١٤).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٣٥٦) حيث قال: " (ويحرم عليه)، أي: الأب وإن علا (وطء أمة ولده) إجماعًا لقوله تعالى: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦] وليست بواحدة منهما ..... (لا) وجوب (حد) لما له في مال ولده من شبهة الملك، ففي خبر ابن حبان في صحيحه: "أنت ومالك لأبيك" .... ولشبهة الإعفاف الذي هو من جنس ما فعله". وانظر: "حاشية البجيرمي على الخطيب" (٤/ ١٦٩).
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٩٦) حيث قال: " (فإن وطئ جارية ولده) فلا حد سواء (وطئها الابن أو لا) لأنه وطء تمكنت الشبهة فيه وطء الأمة المشتركة، يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت ومالك لأبيك"".
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>