للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرى أنه لا حد عليه، وهو قول الشافعية قولًا واحدًا، وقد صححه بعض الحنابلة، وبعض العلماء يرى أن المكره يقام عليه الحد، قالوا: لأن الوطء لا يحصل فيه الانتشار مع الإكراه والغصب، وبعضهم قال: قد يحصل، فهذا هو سبب الخلاف، ومن قالوا من أهل العلم: لا يقام، يحتجون بعموم: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (١).

فهذه من المسائل التي يختلف فيها العلماء، فلا تسقط عن المكره جميع الأحكام، فلو أن إنسانًا أكره على قتل إنسان فليس له أن يقتله (٢)؛ لأنه عندما أراد قتله أراد أن يحفظ مهجة نفسه؛ فليست نفسه بأغلى وأعز من نفوس الآخرين، هذه مسألة فيها خلاف (٣)، وكذلك أيضًا شهادة


(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٠/ ١٨٣) حيث قال: "أجمع العلماء على أن من أكره على قتل غيره أنه لا يجوز له الإقدام على قتله ولا انتهاك حرمته بجلد أو غيره، ويصبر على البلاء الذي نزل به، ولا يحل له أن يفدي نفسه بغيره، ويسأل الله العافية في الدنيا والآخرة".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "مجمع الأنهر" لشيخي زاده (٢/ ٤٣٣) حيث قال: "إن أكره (على قتله)، أي: قتل غيره (أو قطع عضوه) بالقتل أو القطع (لا يرخص) له في ذلك بل يلزم الصبر عليه فإن قتله أثم؛ لأن قتل المسلم حرام لا يباح لضرورة ما".
مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الصاوي" (٢/ ٥٤٩) حيث قال: "لو قال لك ظالم: إن لم تقتل فلانًا. أو تقطعه قتلتك فلا يجوز ذلك، ويجب عليه أن يرضى بقتل نفسه، وإن قتل غيره أو قطعه من أجل الخوف على نفسه اقتص منه".
مذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ٢٥٨) حيث قال: "ولو أكرهه على قتل لشخص بغير حق كاقتل هذا وإلا قتلتك فقتله فعليه، أي: المكره بالكسر ولو إمامًا أو متغلبًا، ومنه آمر خيف من سطوته لاعتياده فعل ما يحصل به الإكراه لو خولف فأمره كالإكراه (القصاص) وإن كان المكره نحو مخطئ، ولا نظر إلى أن المكره متسبب والمكره مباشر، ولا إلى أن شريك المخطئ لا قود عليه؛ … والثاني: لا قصاص عليه لخبر: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ولأنه آلة للمكره فصار كما لو ضربه به، وقيل: لا قصاص على المكره بكسر الراء؛ لأنه متسبب، بل على المكره بفتحها فقط". =

<<  <  ج: ص:  >  >>