للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما مضى في تلك الأسابيع التي كانت تعقد عن الفقه الإسلامي، فإن كثيرًا من المستشرقين أشادوا بقيمة الفقه الإسلامي ومكانته فإنه إن حصل تقصير فهو من المسلمين؛ فهم الذين لم يبينوا ذلك الكنز وينقلوه إلى الآخرين. إذن، الإسلام قد كرّم المرأة، ومعلوم ما كانت عليه من الذل والهوان في الجاهلية، وأن الإسلام رفع من شأنها وتجد أن الله تعالى يخاطبها في الكتاب العزيز وتدخل ضمن المؤمنين {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} إلى غير ذلك، والكلام في هذا يطول، لكن الإسلام قد حفظ للمرأة حقها، وكونه مقرًّا لها في بيته، فذلك؛ لأنها جوهرة ثمينة يريد صيانتها وحفظها عن أعين الأشرار، والإسلام أيضًا عندما خفف عنها بعض الأمور، أو أسقط عنها بعض الأمور، فإنما ذلك في مقابل أمور أُخرى، وليس ذلك تقليلًا من شأنها، ولا إذهابًا لمكانتها وعزتها، بل لها المكانة، فالمرأة أمّنا أو أختنا أو جدتنا أو عمتنا أو خالتنا أو ابنتنا.

- قوله: (وَمِنْهَا مَا يَرَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ دَرْءِ الْحَدِّ عَنْ وَاطِئِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَالْجُمْهُورُ (١) عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ) (٢).


(١) مذهب المالكية، يُنظر: "الإشراف" للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٧٠) حيث قال: "إذا استأجر امرأة على أن يزني بها فوطئها فعليه الحدِّ، وقال أبو حنيفة: لا حد عليه؛ فدليلنا أنه وطء محرم بدواعيه غير مختلف فيه، فإذا تعمّده مع العلم بتحريمه وانتفاء سبب الإباحة لزمه الحدّ، أصله إذا استأجرها لتخبز له أو تطبخ فوطئها".
مذهب الشافعية، يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٤/ ١٢٧) حيث قال: "وإن استأجرها للزنا حدّ لأن البضع لا يباح بشيء من ذلك". وانظر: "التهذيب في فقه الإمام الشافعي" للبغوي (٧/ ٣٢١).
مذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي" لابن قدامة (٤/ ٨٨) حيث قال: وإن استأجر أمة ليزني بها، أو لغير ذلك، فزنى بها، فعليه الحد؛ لأنه لا تصح إجارتها للزنا، فوجوده كعدمه، ولا تأثير لعقد الإجارة على المنافع في إباحة الوطء فكان كالمعدوم". وانظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٨٠).
(٢) يُنظر: "الأصل المعروف بالمبسوط" للشيباني (٨/ ٤٥٧) حيث قال: "قلت: أرأيت رجلًا استعار من رجل جارية لتخدمه، أو استأجرها لتخدمه، فوطئها، فادعى شبهة؟ قال: أدرأ عنه الحد، وألزمه العُقْر". وانظر: "المبسوط" للسرخسي (٩/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>