للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا تحل له حتى تنبهح زوجًا غيره كما قال سبحانهُ وتعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}؛ فيطؤها الواطئ كما في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا، حتى تذوقي عسيلته وبذوق عسيلتك" (١) إذن لا بد من ذلك، فنكاح


= المرأة بل هي أولى من الأول في الكراهة لأن العقد بشرط التحليل إنما جرى بينها وبين الثاني، والاْول ساعِ في ذلك ومتسبب، والمباشر أولى من المتسبب ولفظ الحديث يشمل الكل، فإنَ المحلل له يصدق على المرأة أيضًا … (قوله: بشرط التحليل) تأويل للحديث بحمل اللعن على ذلك، ويأتي تمام الكلام عليه (قوله: وإن حلَّت للأول … إلخ)، هذا قول الإمام، وعن أبي يوسف أنه يفسد النكاح لأنه في معنى المؤقت لا يحلها".
مذهب المالكية، يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٢/ ٤١٣) حيث قال: "ومثل للفاسد الذي لا يثبت بالدخول بقوله: (كمحلل) وهو من تزوجها بقصد تحليلها لغيره إذا نوى مفارقتها بعد وطئها، أو لا نية له، بل (وإن نوى الإمساك)، أي: إمساكها وعدم فراقها على تقدير (إن، أعجبته)، فلا يحلها وهو نكاح فاسد على كل حال، ويفسخ أبدًا بطلقة بائنة للاختلاف فيهإ.
مذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (٩/ ٣٣٢) وما بعدها حيث قال: "ونكاح المحلل باطل، وصورتها في امرأة طلقها زوجها ثلاثًا حرمت بهن عليه إلا بعد زوج فنكحت بعده زوجًا ليحلها للأول فيرجع إلى نكاحها". وانظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٤/ ٣٠٠).
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٩٤) حيث قال: " (الثاني: نكاح المحلل) سمي محللًا لقصده الحل في موضع لا يحصل فيه الحل (بأن يتزوجها)، أي: المطلقة ثلاثا (بشرط أنه متى أحلها للأول طلقها أو) يتزوجها بشرط أنه متى أحلها للأول فـ (لا نكاح بينهما أو اتفقا عليه)، أي: على أنه متى أحلها للأول طلقها أو لا نكاح بينهما قبله، أي: قبل العقد ولم يرجع عن نيته عند العقد. (أو نوى) المحلل (ذلك)، أي: أنه متى أحلها للأول طلقها (ولم يرجع عن نيته عند العقد وهو حرام غير صحيح) … والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم عمر وابنه وعثمان وهو قول الفقهاء من التابعين".
(١) أخرجه البخاري (٢٦٣٩) ومسلم (١٤٣٣) عن عائشة -رضي الله عنها-: جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فأبت طلاقي، فتزوجت عبد الرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حثى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك"، وأبو بكر جالس عنده، وخالد بن سعيد بن العاص بالباب ينتظر أن يؤذن له، فقال: يا أبا بكر ألا تسمع إلى هذه ما تجهر به عند النبي -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>