للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل" والحنفية يستدلون بعموم قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}.

فنسب ذلك إليهن، وقالوا: الرسول -صلى الله عليه وسلم- تزوج صفية دون ولي، ونقول بأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يقاس عليه غيره؛ فهو ولي المؤمنين، والمسألة فيها كلام كثير للعلماء، وأخذ ورد.

وبالنسبة للشهود فمالك (١) هو الذي خالف في ذلك، فيرى أن النكاح لا يشترط فيه الشهادة، فهو يستحبها، لكنه لا يشترطها، وغيره من العلماء يرون أن النكاح فاسد، فمالك يعتبر أن المقصود من النكاح هو إعلانه، إشهاره بين الناس؛ حتى لا يكون هناك اختلاط للأنساب، ولذلك قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "أعلنوا هذا النكاح واضربوا عليه بالدف" (٢) وجمهور


= "لا تزوج امرأة نفسها، أي: لا تملك مباشرة ذلك بحال لا بإذن ولا بغيره سواء الإيجاب والقبول، إذ لا يليق بمحاسن العادات دخولها فيه لما قصد منها من الحياء وعدم ذكره أصلًا ..... وقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} أصرح دليل على اعتبار الولي وإلا لما كان لعضله معنى، ولخبر: "لا نكاح إلا بولي"، وروى ابن ماجه خبر: "لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها" نعم لو عدم الولي والحاكم فولت مع خاطبها أمرها رجلًا مجتهدًا ليزوجها منه صح؛ لأنه محكم والمحكم كالحاكم، وكذا لو ولت معه عدلا صح على المختار وإن لم يكن مجتهدًا لشدة الحاجة إلى ذلك، وهذا ما جرى عليه ابن المقري تبعًا لأصله".
مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٥/ ٤٩) حيث قال: " (فلو زوجت) امرأة (نفسها أو) زوجت (غيرها) كأمتها وبنتها وأختها ونحوها (أو وكلت) امرأة (غير وليها في تزويجها ولو بإذن وليها فيهن)، أي: في الصور الثلاث المذكورة (لم يصح) النكاح لعدم وجود شرطه ولأنها غير مأمونة على البضع لنقص عقلها وسرعة انخداعها فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال وإذا لم يصح أن توكل فيه، ولا أن تتوكل فيه".
(١) يُنظر: "حاشية الدسوقي" (٢/ ٢١٦) حيث قال: "قوله: لصحة العقد، أي: لأن الإشهاد ليس شرطًا في صحة العقد عندنا بل واجب مستقل مخافة أن كل اثنين اجتمعا في خلوة على فساد يدعيان سبق عقد بلا إشهاد فيؤدي لرفع حد الزنا". وانظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٢/ ٣٣٥).
(٢) أخرجه الترمذي (١٠٨٩) وغيره، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (٩٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>