للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمسلمون الأوائل كان أول عمل يقومون به عندما يفتتحون بلدًا أو ينزلون مصرًا من الأمصار هو بناؤهم المسجد؛ ليقيموا فيه الصلاة، وليعلوا فيه ذكر الله -سبحانه وتعالى-؛ " كما قال في تنزيله: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)} [النور: ٣٦ - ٤٠].

فما أُقِيمت هذه المساجد، وشُيِّدت هذه الجوامع إلا ليجتمع المسلمين فيها لذكر الله، ولصلاة الجماعة -التي يستهين بها بعض الناس- وتعلم العلم النافع، وسيأتي الكلام بتوسع عن صلاة الجماعة وعن خطورة المتخلفين عنها في موضعه.

والمؤلف في هذه المسألة لم يتعرض لتارك الصلاة الجاحد وجوبَها؛ لأن الذي جحد وجوبها محل إجماع على كفره، وليس فيه خلاف، لكنه ذكر تارك الصلاة الذي يتركها تهاونًا أو تساهلًا، ولا يجحد وجوبها.

فتارك الصلاة على نوعين:

١ - إما أن يكون منكرًا لوجوبها -والعياذ بالله- فهذا أمره خطير، وشأنه كبير؛ فقد دلَّت النصوص على أنه في زمرة المرتدين؛ بل في مقدمتهم، ولا شكَّ أنه كفر بهذا، وارتد عن الإسلام، ويجب أن يستتاب من اعتقاده هذا، فإن تاب تاب الله عليه، وإن لم يتب وجحد قُتِل بأمر الإمام، وإن مات على كفره هذا، فلا يُصلَّى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورَث؛ لأنه كافر بإجماع المسلمين (١).


(١) هذا محل إجماع بين أهل العلم:
فمذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار للحصكفي وحاشية ابن عابدين" (١/ ٣٥٢) قال: "ويكفر جاحدها؛ لثبوتها بدليل قطعي".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي" (١/ ١٩١) قال: "والتارك الجاحد لوجوبها أو ركوعها أو سجودها كافر مرتد اتفاقًا يستتاب ثلاثًا فإن تاب وإلا قتل كفرًا وماله فيء؛ كجاحد كل معلوم من الدين بالضرورة".=

<<  <  ج: ص:  >  >>