للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الوطء فهو الإيلاج في الفرج بأن تغيب الحشفة فيه (١)، وقد دلت عليه السنة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الثيب بالثيب الجلد والرجم" (٢)، وكما في حديث عمر -رضي الله عنه- السابق: "والحد واجب على من زنا وقد أحصن" (٣).

وإنما شدَّد العلماء في هذا الأمر واحتاطوا له لما سيترتب عليه من رجم مؤمن وموته، أو جلده فيشتهر ذلك بين الناس، ولذلك شدد في الشهادة على الزنا كما سيأتي.

وأما كونه -أي: الوطء- في نكاح صحيح فلقول الله سبحانهُ وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤]، يعني: المتزوجات (٤)، فلو كان في زنًا أو وطء شبهة (٥)، أو تسري أو في نكاح فاسد (٦) كنكاح لم يكن فيه


= شرطه أن يكون الوطء بعد كماله بالبلوغ والعقل والحرية أم لا؟ فمنهم من قال: ليس من شرطه أن يكون الوطء بعد الكمال، فلو وطئ وهو صغير أو مجنون أو مملوك ثم كمل فزنى رُجِم؛ لأنه وطء أبيح للزوج الأول فثبت به الإحصان كما لو وطئ بعد الكمال ولأن النكاح يجوز أن يكون قبل الكمال فكذلك الوطء، ومنهم من قال: من شرطه أن يكون الوطء بعد الكمال فإن وطئ فى حال الصغر أو الجنون أو الرق ثم كمل وزنى لم يرجم وهو ظاهر النص".
وهو شرط في مذهب الحنابلة. يُنظر: "العدة شرح العمدة"، لبهاء الدين المقدسي (ص: ٥٩٦)، حيث قال: "الشرط الرابع: أن يوجد الكمال فيهما جميعًا حال الوطء فيطأ الرجل العاقل الحر امرأة عاقلة حرة؛ لأنه إذا كان أحدهما ناقصًا لم يكمل الوطء ولا يحصل به الإحصان كما لو كانا غير كاملين".
(١) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٤/ ٣١٣) حيث قال: "والوطء تغييب الحشفة أو قدرها ولو بحائل خفيف لا يمنع اللذة … ".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري (٦٣٢٧)، ومسلم (١٦٩١)، بلفظ: "وإن الرجم حق على من زتى وقد أحصن … ".
(٤) يُنظر: "اللباب في علوم الكتاب" لابن عادل الحنبلي (٦/ ٢٩٨)، حيث قال: "المحصنات، أي: المتزوجات".
(٥) وطء الثبهة: هو الوطء غلطًا فيمن تحل في المستقبل. يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٢٥٢).
(٦) النكاح (الفاسد) الذي يفسخ قبل البناء وبعده كالخامسة والمتعة. يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير (٢/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>