في مذهب الأحناف: لا تسقط التوبة الحدود إلا ما نص على سقوطه كالحرابة ونحوها. يُنظر: "التجريد"، للقدوري (١١/ ٥٩٤٩)، حيث قال: قال أصحابنا: الحدود لا تسقط بالتوبة إلا قتل المرتد وحده، وحد قاطع الطريق إذا تاب قبل القدرة عليه. وعند المالكية والشافعية والحنابلة: أنها تسقط ما كان حقًّا لله لأن حقوق الله مبناها على المسامحة بخلاف حقوق الآدميين. ينظر في مذهب المالكية: "الذخيرة"، للقرافي (١٢/ ١٣٣)، وفيه قال: "إن تاب فبل القدرة عليه سقط الحد دون حق الآدمي في نفس أو جرح أو مال". وبنظر في مذهب الشافعية: "الحاوي الكبير"، للماوردي (١٣/ ٣٧٠)، وفيه قال: "أنها تسقط عنهم حدود اللّه تعالى ولا تسقط عنهم حقوق الآدميين من الدماء والأموال لاختصاص التوبة بتكفير الإمام دون حقوق العباد". وينظر في مذهب الحنابلة: "المغني"، لابن قدامة (١٠/ ١٨١، ١٨٢)، وفيه قال: "فإن كان عليه فيها حق في البدن، فإن كان حقًّا لآدمي؛ كالقصاص، وحد القذف، اشترط في التوبة التمكن من نفسه، وبذلها للمستحق، وإن كان حقًّا لله تعالى؛ كحد الزنى، وشرب الخمر، فتوبته أيضًا بالندم، والعزم على ترك العود، ولا يشترط الإقرار به، فإن كان ذلك لم يشتهر عنه، فالأولى له ستر نفسه، والتوبة فيما بينه وبين الله تعالى". (٢) أخرج الترمذي (٣٥٣٧) عن ابن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". وقال: هذا حديث حسن غريب. وحسنه الألباني في "التعليقات الحسان" (٦٢٧). قال ابن عطية: "ففي الحديث أن توبة العبد تقبل ما لم يغرغر، وهذا إجماع لأن من غرغر وعاين فهو في عداد الموتى". انظر: "المحرر الوجيز" (٢/ ٣٦٦).