للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوبة ورغَّب فيها، قال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: ٣١] وقال: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} [طه: ٨٢] و (غفار) صيغة مبالغة أي كثير الغفران، وأخبر أيضًا أنه يقبل التوبة ممن تاب، فقال سبحانه: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" (١)، وقال أيضًا: "لله أَشَدُّ فَرَحًا بتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ (٢) بِأَرْضِ فَلَاةٍ (٣)، فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا، قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ، فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذَا هُوَ بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا (٤)، ثمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ: اللهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفَرَحِ" (٥).

وفي توبة المسلم ورجوعه إلى الله سبحانهُ وتعالى مما يعين في عمارة هذه الأرض وفي إقامة شريعة الله، وفي إنجاب الأولاد وقد يكون منهم الصالح الذي يسهم في خدمة المجتمع، وفي الدعوة إلى الله، وفي التعليم وفي غير ذلك من أبواب الخير، إذن باب التوبة مفتوح، والتائب من الذنب يتجاوز الله سبحانهُ وتعالى عن جميع سيئاته (٦)، بل قد أخبر الله تعالى أنه قد تجاوز


(١) أخرجه ابن ماجه في "سننه" (٤٢٥٠)، وحسنه الألباني في صحيح الجامع (٣٠٠٨).
(٢) الرّاحِلةُ: المَرْكب من الإبل ذكرًا كان أو أنثى. يُنظر: "العين" للخليل (٢٠٧٣).
(٣) الفلاة: الأرض المنقطعة عن الماء. يُنظر: "كفاية المتحفظ"، للأجدابي (ص: ١٥١).
(٤) الخطام: حبل يُجعل في عنق البعير. يُنظر: "المغرب في ترتيب المعرب"، للمطرزي (٢/ ١٣٧).
(٥) أخرجه البخاري (٦٣٠٩) مختصرًا، ومسلم (٢٧٤٧)، واللفظ له.
(٦) معنى حديث أخرجه ابن ماجه (٤٢٥٠) وغيره، عن أبي عبيدة ابن عبد الله، عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "التائب من الذنب؛ كمن لا ذنب له"، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٣٠٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>