للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن قاتل مائة نفس عمدًا (١)، وقد قال الله سبحانه: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء: ٩٣].

- قوله: (فَهَذَا هُوَ حُكْمُ الثَّيِّبِ).

قوله: (الثيب)، أي: المحصن، أي: الذي تزوج (٢). وإذا أنعمت النظر في بعض أسرار هذه الشريعة وجدت أن هناك فرقًا بين المحصن وبين غيره، فالمحصن قد سبق له الزواج الذي اعتبره الله سبحانهُ وتعالى آية من آياته، قال سيحانه: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١] فهذا دخل في كنف الزوجية وأدرك خطورتها، وعظم المحافظة على العِرض فكان أمره يختلف عن البكر الذي لم يجرب بعد، ولم يشتد عوده ولم يدرك خطورة الغيرة عند غيره،. ولذلك لما جاء الشاب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في مجلس من أصحابه، فقال: يا رسول الله، ائذن لي في الزنا! فأنكر عليه الصحابة ذلك، فدعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجلسه إلى جنبه، ومسح عليه وقال: "أترضاه لأمك؟ "، قال: لا، قال: "والناس لا ترضاه لأمهاتهم"، قال: "أترضاه لابنتك؟ " قال: لا، قال: "والناس لا يرضونه لبناتهم"، ثم ذكر أخته وعمته وخالته، ثم


(١) معنى حديث أخرجه البخاري (٣٤٧٠)، ومسلم (٢٧٦٦) عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانًا، ثم خرج يسأل، فأتى راهبًا فسأله فقال له: هل من توبة؟ قال: لا، فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل: ائت قرية كذا وكذا، فأدركه الموت، فناء بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقربي، وأوحى الله إلى هذه إن تباعدي، وقال: قيسوا ما بينهما، فوجد إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له".
(٢) الثَّيّبُ: "الّتي قد تزوّجت وبانت بأيّ وجهٍ كان بعد أن مسّها، ولا يوصف به الرّجل، إلّا أَنْ يُقال: وَلَدُ الثَّيِّبَيْنِ، وولد البِكرين". انظر: "العين" للخليل (٨/ ٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>