للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقوله: {أُحْصِنَّ} يفهم منه بدليل الخطاب (١)، أن غير المتزوجة لا حد عليها.

* قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ الِاشْتِرَاكُ الَّذِي فِي اسْمِ الإِحْصَانِ (٢) فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: ٢٥]، فَمَنْ فَهِمَ مِنَ الإِحْصَانِ التَّزَوُّجَ، وَقَالَ بِدَلِيلِ الخِطَابِ، قَالَ: لَا تُجْلَدُ الغَيْرُ المُتَزَوِّجَةِ، وَمَنْ فَهِمَ مِنَ الإِحْصَانِ الإِسْلَامَ جَعَلَهُ عَامًّا فِي المُتَزَوِّجَةِ وَغَيْرِهَا).

لكن الجمهور استدلوا بأول الآية واعتبروه حجة ودليلًا على أن المراد بذلك هو الزواج، فـ {أُحْصِنَّ} يعني تزوجن، فقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} يعني: المتزوجات، يقال: أحصنت المرأة، أي: تزوجت، ويطلق الإحصان أيضًا ويراد به الإسلام (٣)، ورجح الجمهور المعنى الأول للذي أثر عن ابن عباس -رضي الله عنه- (٤)، ومجاهد (٥) وغيرهما.


(١) دليل الخطاب يسمى أيضًا مفهوم المخالفة. ينظر "المستصفى" للغزالي (ص: ٢٦٥) حيث قال: ومعناه الاستدلال بتخصيص الشيء بالذكر على نفي الحكم عما عداه، ويسمى مفهومًا؛ لأنه مفهوم مجرد لا يستند إلى منطوق، … وحقيقته أن تعليق الحكم بأحد وصفي الشيء يدل على نفيه عما يخالفه في الصفة.
وأما حكمه فأثبته الجمهور وضعفه الحنفية. يُنظر: "الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي (٣/ ٧٢) حيث قال: "اختلفوا في الخطاب الدال على حكم مرتبط باسم عام مقيد بصفة خاصة .. فأثبته الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل والأشعري وجماعة من الفقهاء والمتكلمين وأبو عبيد وجماعة من أهل العربية، ونفاه أبو حنيفة وأصحابه ".
(٢) يُنظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (١/ ٢٥٥)، حيث قال: "جاء الإحصان في القرآن والحديث بمعنى الإسلام وبمعنى الحرية وبمعنى التزويج وبمعنى العفة لأن أصل الإحصان المنع والمرأة تمتنع من الفاحشة بكل واحدة من هذه الوجوه بإسلامها وحريتها وعفتها وزواجها".
(٣) انظر ما سبق من كلام القاضي عياض.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٩/ ٤٥٦): "عن ابن عباس؛ أنه كان يقرؤها: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} يقول: إذا تزوجن ".
(٥) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (١٧/ ٢٥٤): "عن إبراهيم أنه كان يقرأ: {فَإِذَا=

<<  <  ج: ص:  >  >>