للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الأَحَادِيثِ قَالُوا: وَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ أَقَرَّ مَرَّةً وَمَرَّتَيْنِ وَثَلَاثًا تَقْصِيرٌ (١)، وَمَنْ قَصَّرَ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ حَفِظَ) (٢).

لو جاء إنسان فاعترف بالزنا مرة واحدة (فقال: زنيت) وتوفرت شروط الإقرار فيه فإنه يقام عليه الحد عند الإمامين مالك والشافعي، وخالفهما الإمامان أبو حنيفة وأحمد فقالا: لا بد من أربع إقرارات (٣).

ثم اختلف أصحاب هذا القول: هل يشترط أن تكون في مجلس واحد أو في أكثر من مجلس؟ فذهب الحنابلة إلى أنه يكفي أن تكون في مجلس واحد قبل أن يقوم القاضي أو الحاكم، فلو نهض قبل أن يتم حينئذٍ ينتقل إلى حد القذف (٤).


(١) أخرج الطيالسي في مسنده (٢/ ١٢٠) وغيره، عن سماك بن حرب، قال: سمعت جابر بن سمرة، يقول: "شهدت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رد ماعزًا مرتين ثم أمر برجمه ". وأخرج الطبراني في المعجم الأوسط (٣/ ٨٠) عن أبي بكر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد ماعز بن مالك ثلاث مرات. وقال: لا يُروى هذا الحديث عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد، تفرد به جابر الجعفي.
قال الهيثمي: وفي أسانيدهم كلها جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف. انظر: "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" (٦/ ٢٦٦).
(٢) يُنظر: "الاستذكار"، لابن عبد البر (٧/ ٤٦٩)، وفيه قال: "قالوا: وليس تقصير من قصر فيما حفظ غيره بحجة عليه، ومن حفظ أربع مرات فقد زاد حفظه على حفظ غيره وشهادته أولى لأنه سمع ما لم يسمع غيره ".
(٣) سبق تحريره.
(٤) يُنظر: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٦٤، ٦٥)، حيث قال: "قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الزاني، يردد أربع مرات؟ قال: نعم، على حديث ماعز، هو أحوط. قلت له: في مجلس واحد، أو في مجالس شتى؟ قال: أما الأحاديث، فليست تدل إلا على مجلس واحد، إلا ذالىًا لشيخ بشير بن مهاجر، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، وذاك عندي منكر الحديث … ولنا: أن الحديث الصحيح إنما يدل على أنه أقرّ أربعًا في مجلس واحد. وقد ذكرنا الحديث، ولأنه إحدى حجتي الزنى، فاكتفى به في مجلس واحد، كالبينة".

<<  <  ج: ص:  >  >>