للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلَى (١)، وَعُثْمَانَ البَتِّيَّ (٢)، وَفَصَّلَ مَالِكٌ، فَقَالَ: إِنْ رَجَعَ إِلَى شُبْهَةٍ قُبِلَ رُجُوعُهُ، وَأَمَّا إِنْ رَجَعَ إِلَى غَيْرِ شُبْهَةٍ فَعَنْهُ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: يُقْبَلُ، وَهِيَ الرِّوَايَةُ المَشْهُورَةُ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ (٣)، وَإِنَّمَا صَارَ الجُمْهُورُ إِلَى تَأْثِيرِ الرُّجُوعِ فِي الإِقْرَارِ؛ لِمَا ثَبَتَ مِنْ تَقْرِيرِهِ -صلى الله عليه وسلم- مَاعِزًا


= أقر) بالزنا (ثم رجع) عنه (سقط) الحد عنه؛ لأنه --صلى الله عليه وسلم-- عرض لماعز بالرجوع بقوله: "لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت" فلو لم يسقط به الحد لما كان له معنى، ولأنهم لما رجموه قال: ردوني إلى رسول الله، فلم يسمعوا، وذكروا ذلك للنبي، فقال: "هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه؟ "".
وانظر في مذهب الحنابلة: "مطالب أُولي النهى"، للرحيباني (٦/ ١٦٧)، وفيه قال: " (ومتى رجع مقر به)؛ أي: بزنا عن إقرار، لم يقم، أو رجع مقر (بسرقة شيء أو شرب) خمر عن إقراره (قبله)؛ أي: قبل أن يقام عليه الحد (ولو بعد الشهادة على إقراره) بالزنا أو السرقة أو الشرب (لم يقم) عليه (وإن رجع في أثناء حد لله) تعالى (أو هرب)؛ (ترك وجوبًا) لأن ماعزًا هرب فذُكر ذلك للنبي --صلى الله عليه وسلم-- فقال: "هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه "".
(١) انظر: "اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى"، لأبي يوسف (ص: ١٥٦، ١٥٧)، وفيه: "وإذا اعترف الرجل بالسرقة مرتين وبالزنا أربع مرات ثم أنكر بعد ذلك، فإن أبا حنيفة -رضي الله عنه- كان يقول: يدرأ عنه الحد فيهما جميعًا ونضمنه السرقة. لحديث ماعز أنه هرب حين أصابته الحجارة، فقال رسول الله: "فهلا خليتم سبيله" وبه نأخذ. وكان ابن أبي ليلى يقول: لا أقبل رجوعه فيهما جميعًا وأمضى عليه الحد".
(٢) انظر: "التمهيد"، لابن عبد البر (٥/ ٣٢٦)، وفيه قال: "وقال عثمان البتي: لا يقبل رجوعه".
(٣) انظر: "المنتقى شرح الموطإ"، للباجي (٣/ ١٤٣)، وفيه قال: "وإن رجع عن الإقرار والاعتراف إلى الإنكار، فلا يخلو أن ينزع إلى وجه أو إلى غير وجه، فإن رجع إلى وجه -قال محمد مثل أن يقول: أصبت امرأتي حائضًا، أو جاريتي وهي التي من الرضاعة فظننت أن ذلك زنا -فإنه يقبل رجوعه ويسقط عنه الحد. قال ابن المواز لم يختلف في هذا أصحاب مالك. وأما إذا رجع إلى غير شبهة فقد قال القاضي أبو محمد: فيه روايتان، والذي رواه ابن المواز عن مالك من رواية ابن وهب ومطرف أنه يقبل، وبه قال ابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وروي عن مالك: لا يقبل منه إلا بأمر يعذر به، وبه قال أشهب وعبد الملك ".

<<  <  ج: ص:  >  >>