للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أهل العلم: لو أكره إنسان على الاعتراف فلا اعتبار لذلك؛ لأن هذا الأمر يرجع إلى إقرار الإنسان، فهو الذي يقر على نفسه في هذا الأمر. ولذلك ما عرف أن الرسول سأل عن المرأة في هذه الحوادث ولا طلبها ثم سألها فأقام عليها الحد، ما عرف هذا أبدًا (١).

ولذلك اختلف العلماء فيما إذا اعترف رجل بالزنا وسمى المرأة ثم أنكرت؛ فقالوا: هي لا يقام عليها الحد، واعتبر بعضهم إنكارها شبهة يدرأ عنه بها الحد، وبعضهم قال: لا، بل يقام عليه لأنه اعترف (٢).


= وانظر في مذهب الحنابلة: "المغني"، لابن قدامة (٩/ ٦٩)، وفيه قال: "وإن رجع عن إقراره، وقال: كذبت في إقراري. أو: رجعت عنه. أو: لم أفعل ما أقررت به. وجب تركه، فإن قتله قاتل بعد ذلك، وجب ضمانه؛ لأنه قد زال إقراره بالرجوع عنه، فصار كمن لم يقر، ولا قصاص على قاتله؛ لأن أهل العلم اختلفوا في صحة رجوعه، فكان اختلافهم شبهة دارئة للقصاص؛ ولأن صحة الإقرار مما يخفى، فيكون ذلك عذرًا مانعًا من وجوب القصاص ". وانظر: "الإقناع"، للحجاوي (٤/ ٢٤٨).
(١) الذي يفهم من كلام الشارح أن من أكره على الاعتراف بالزنا ونحوه فاعترف، لا اعتبار بذلك الإكراه، ولا يترتب عليه حد؛ لأن العبرة بثبوت وقوعه في الزنا هو اعترافه من غير إكراه، ولهذا لم يعرف عن النبي أنه طلب المرأة ولا سأل عنها، بل هي التي أتت واعترفت على نفسها بالزنا.
قال ابن قدامة: "ولا يصح الإقرار من المكره، فلو ضرب الرجل ليقر بالزنا، لم يجب عليه الحد، ولم يثبت عليه الزنا. ولا نعلم من أهل العلم خلافًا في أن إقرار المكره لا يجب به حد". انظر: "المغني" (٩/ ٦٧، ٦٨).
(٢) اتفق العلماء على أن الرجل إذا اعترف على نفسه بالزنا وسمى المرأة ثم أنكرت المرأة ذلك، فلا حد عليها، واختلفوا في المقر، هل يجب عليه الحد أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه يحد، وخالف أبو حنيفة، فقال: لا يحد.
انظر في مذهب الأحناف: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (٣/ ١٨٥)، وفيه قال: " (وبإقرار إن أنكره الآخر) أي: لا يجب الحد بإقرار أحد الزانيين إذا أنكره الآخر وهذا على إطلاقه قول أبي حنيفة رحمه الله، وعندهما: إن ادعى المنكر منهما الشبهة بأن قال: تزوجتها؛ فهو كما قال وإن أنكر بأن قال: ما زنيت، ولم يدَّع ما يُسقط الحد وجب على المقر الحد دون المنكر".
وانظر في مذهب المالكية: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف "، للقاضي=

<<  <  ج: ص:  >  >>