للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط السادس:- وهو من أدق الشروط- أن يصفوا الزنا، ولا بد أن يذكروا أنهم شاهدوا كأن يقول: رأيت ذكره في فرجها؛ هذا نص عند العلماء لا خلاف فيه؛ لأن رسول الله أنه لا يجوز أن يقل لما قرر ماعزًا بذلك أكد على ذلك الأمر، وبهذا نتبين عظم الشهادة في الزنا لأنه يترتب عليه أمر عظيم.

ولذلك تغيّر وجه عمر -رضي الله عنه- وغضب عندما جاءه شخص فرمى أحد الصحابة بالزنا ثم الثاني ثم الثالث حتى جاء الرابم فجلدهم حد القذف (١).

الشرط السابع: أن يكونوا في مجلس واحد، أي: أن يؤدوا الشهادة في مجلس واحد، وبه قال الجمهور (٢)، خلافًا للشافعي (٣) فأجاز الشهادة ولو تعدد المجلس لعموم الآية.


(١) القصة أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (٧/ ٣٨٤) عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب قال: شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثةٌ بالزنا، ونكل زياد فحد عمر الثلاثة، وقال لهم: "توبوا تقبل شهادتكم "، فتاب رجلان، ولم يتب أبو بكرة، فكان لا يقبل شهادته. وأخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (٧/ ٣١١) بإسناده عن أبي عثمان النهدي، قال: شهد أبو بكرة، ونافع، وشبل بن معبد على المغيرة بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظر إلى المرود في المكحلة، فجاء زياد، فقال عمر: "جاء رجل لا يشهد إلا بحق "، فقال: رأيت منظرًا قبيحًا وابتهارًا قال: "فجلدهم عمر الحد".
(٢) مذهب الأحناف، يُنظر: "التجريد"، للقدوري (١١/ ٥٩١٩)، حيث قال: "قال أصحابنا: إذا شهدوا بالزنى في مجالس مختلفة لم تقبل شهادتهم إلا أن يجتمعوا في مجلس واحد".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف "، للقاضي عبد الوهاب (٢/ ٨٦٠)، وفيه فال: "لا تقبل الشهادة في الزنا إلا أن يجيء الشهود في مجلس واحد ويشهدون، فإن شهد واحد منفرد ثم جاء الباقون فشهدوا بعد ذلك المجلس فإنّهم قذفة".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "شرح منتهى الإرادات"، للبهوتي (٣/ ٣٤٩، ٣٥٠)، حيث قال: "الصورة (الثانية) لثبوت الزنا (أن يشهد عليه)، أي: الزاني (في مجلس) واحد (أربعة رجال عدول … وكونها في مجلس)؛ لأن عمر حد الثلاثة الذين شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا لما تخلف الرابع، ولولا اعتبار اتحاد المجلس لم يحدهم لاحتمال أن يكملوا برابع في مجلس آخر".
(٣) يُنظر: "البيان"، للعمراني (١٣/ ٣٢٦)، حيث قال: "وإذا شهد أربعة على الزنى؛ وجب الحد على المشهود عليه، سواء شهدوا في مجلس واحد أو في مجالس .. =

<<  <  ج: ص:  >  >>