للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ثبوت الزنى فإنه يشترط فيه أربعة شهداء؛ لقول الله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤]، فلو طرق المجال للناس ما سلم أحد، كيف ولم تسلم عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنهما- مما قاله الناس حتى برأها الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات، وسيأتي الكلام عنه مفصلًا في كتاب القذف.

* قوله: (وَأَنَّ مِنْ صِفَتِهِمْ أَنْ يَكُونُوا عُدُولًا).

وقد مر بنا ذكر صفات الشهود، ومنها العدالة لأن الفاسق لا يؤمن على الشهادة ولذلك قال الله تعالى في الذين يشهدون ولم تتِم شهادتهم {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)}؛ فأمر الله سبحانه وتعالى برد شهادتهم ووصفهم بالفسق إلا الذين تابوا من بعد ذلك (١).

* قوله: (وَأَنَّ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَنْ تَكُونَ بِمُعَايَنَةِ فَرْجِهِ فِي فَرْجِهَا، وَأَنَّهَا تَكُونُ بِالتَّصْرِيحِ لَا بِالكِنَايَةِ) (٢).

وسبق أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يُكَنِّ؛ لأن هذه مسائل لا يُكنَّى فيها؛ لأن الكناية لا تنفع في هذا المقام لأن فيه رميًا لمسلم أو لمسلمة بأمر يترتب عليها إقامة حد وإلحاق العار به، ولذلك ينبغي ألا يقدم الشهود على أمر


= النساء مفردات؛ لأن الرجال لا يطلعون عليها في العادة".
ومذهب الحنابلة، ينظر: "الكافي" لابن قدامة (٤/ ٢٨٣) حيث قال: "ما لا يطلع عليه الرجال، من الولادة، والرضاع، والعيوب تحت الثياب، والحيض، والعدة، فيقبل فيه شهادة امرأة عدلة، لحديث عقبة بن الحارث، ولأنه معنى يقبل فيه قول النساء المنفردات، فأشبه الرواية".
(١) سبق ذكر هذا.
(٢) قال ابن القطان: "واتفقوا أن من شهد عليه في مجلس واحد أربعة عدول أنهم رأوه يزني بفلانة، ورأوا ذكره خارجًا من فرجها أو داخلًا كالمرود في المكحلة وأن لمدة زناه بها أقل من مدة شهر، ولم يختلفوا في شيء من الشهادات، وأتوا مجتمعين لا مفترقين ولم يقر هو بالزنا وتمادى على إنكاره، ولم تقم بينة من نساء على أنها عذراء ولا اضطراب الشهود في شهادتهم، ولم تقم بينة أنه مجنون؛ أنه يقام عليه الحد". انظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>