للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا وقد توثقوا منه، وفي ذلك ردْع لأولئك الذين يخوضون في أعراض الناس ويتهمونهم ويصفونهم بأمور ربما لا يكونون على حق فيها.

* قوله: (وَجُمْهُورُهُمْ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ أَلَّا يُخْتَلَفَ لَا فِي زَمَانٍ وَلَا فِي مَكَانِ (١) إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ مَسْأَلَةِ الزَّوَايَا المَشْهُورَةِ، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ كلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَرْبَعَةِ أَنَّهُ رَآهَا فِي رُكْنٍ مِنَ البَيْتِ يَطَؤُهَا غَيْرِ الرُّكْنِ الَّذِي رَآهُ فِيهِ الآخَرُ (٢)، وَسَبَبُ الخِلَافِ هَلْ


(١) في مذهب المالكية أنه إذا اختلفت الشهادة في الزمان والمكان بطلت وحد الشاهد حد القذف، وقال بعضهم: لا تبطل. ينظر: "الجامع لمسائل المدونة"، لابن يونس (٢٢/ ٣٥٨)، حيث قال: "قال محمد: وإن قال بعضهم: ليلًا. وقال بعضهم: نهارًا، وقال بعضهم: كان وطؤه إياها متكئة، وقال بعضهم: مستلقية، وقال بعضهم: في غرفة، وقال بعضهم: في سفل، واختلفوا في الأيام والساعات بطلت شهادتهم، وحدوا حد القذف، بخلاف الإقرار يشهدون به عليه في وقتين. وقال ابن حبيب عن ابن الماجشون: في الشهود يتفقون على صفة الزنا والرؤية ويختلفون في الأيام والمواطن، فهذا لا يبطل الشهادة". وانظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (٤/ ١٨٥). وذهب الشافعية إلى مثل ما ذهب المالكية. يُنظر: "بحر المذهب "، للروياني (٤١/ ٣٥٠، ٣٥١)، حيث قال: "إذا اتفق الشهود على مكان الزنا حُدَّ المشهود عليه، وإن اختلفوا فاختلافهم على ضربين؛ أحدهما: أن يكون اختلافهم في بيتين، فيقول بعضهم: زنى في هذا البيت، ويقول آخرون: زنى في البيت الآخر، فلا حد على المشهود عليه، وفي حد الشهود قولان. والثاني: أن يختلفوا في زاوية البيت، فيقول بعضهم: زنى بها في هذه الزاوية من هذا البيت ويقول آخرون: زنى بها في الزاولة الأُخرى من هذا البيت. فلا حد عليه على مذهب الشافعي لعدم الاتفاق على المكان كالبيتين. وما قيل في مكان الزنا يقال في الزمان؛ لأن اختلاف الزمان كاختلاف المكان في وجوب الحد إن اتفق وسقوطه إن اختلف ".
وكذا هو مذهب الحنابلة، إلا من خلاف عند بعضهم. يُنظر: "الكافي"، لابن قدامة (٤/ ٢٩١)، حيث قال: "وإن شهد اثنان أنه زنى بها في بيت، وشهد آخران أنه زنى بها في بيت آخر، أو شهد اثنان أنه زنى بها غدوة، وشهد اثنان أنه زنى بها عشيا، فهم قذفة، وعليهم الحد، وقال أبو بكر: تكمل شهادتهم، ويحد المشهود عليه، وحكاه عن أحمد. والأول المذهب؛ لأنه لم يشهد الأربعة على فعل واحد، فأشبه ما لو شهد اثنان على رجل أنه زنا بامرأة، وشهد اثنان أنه زنا بامرأة أخرى".
(٢) يُنظر: "تبيين الحقائق"، للزيلعي (٣/ ١٩٠)، حيث قال: " (ولو اختلفوا في بيت واحد=

<<  <  ج: ص:  >  >>