للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هذه الصور التي تقدمت ثبت فيها أن عمر - رضي الله عنه - اعتبر ذلك وعمل به عن مشورة الصحابة - رضي الله عنه -.

وأما قوله هنا فهو قول عام ولا شك في أن الحبل معتبر لكن إذا لم يصاحبه إكراه.

الثاني: أثر علي - رضي الله عنه - وقد مر وفيه: "الزنا زناءان: زنا سر وهو الذي يثبت بالشهود وزنا علانية وهو الذي يكون بالاعتراف أو الحبل" (١). قالوا: هنا قال الحبل وسكت.

وقد تقدم في الدليل الخامس لأصحاب القول الأول أن عليًّا - رضي الله عنه - لا يرى إقامة الحد على المكره.

الثالث: قصة المرأة التي جيء بها إلى عثمان - رضي الله عنه - وقد ولدت لستة أشهر فأراد عثمان - رضي الله عنه - أنه يقيم عليها الحد فقال علي - رضي الله عنه -: ليس لك ذلك وتلا قول الله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (٢).

فهذا نص في أن (فصاله)، أي: الرضاعة سنتان، إذن أقل مدة تلد فيها المرأة هي ستة أشهر فدرأ عنها الحد.

هذه الأدلة التي استُدل بها لمالك -رحمه الله -، وهي أدلة عامة لكن أدلة الجمهور خاصة في هذه المسألة، وبذلك يتبين أنه يدرأ عنها الحد، وقد عرفنا أن الحدود عامة تدرأ بالشبهات فما بالكم بهذا الحد الخطير؟! والله أعلم


(١) سبق ذكره.
(٢) أخرجه مالك في الموطأ بلاغًا (٢/ ٨٢٥)، وفيه أن عثمان بن عفان أتي بامرأة قد ولدت في ستة أشهر فأمر بها أن ترجم. فقال له علي بن أبي طالب: "ليس ذلك عليها، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥]، وقال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣]، فالحمل يكون ستة أشهر فلا رجم عليها". فبعث عثمان بن عفان في أثرها فوجدها فد رجمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>