للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَدُّ بِظُهُورِ الحَمْلِ مَعَ دَعْوَى الِاسْتِكْرَاهِ، وَكَذَلِكَ مَعَ دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ فِي دَعْوَى الِاسْتِكْرَاهِ بِأَمَارَةٍ، وَلَا فِي دَعْوَى الزَّوْجِيَّةِ بِبَيِّنَةٍ، لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّ، ثُمَّ ادَّعَى الِاسْتِكْرَاهَ (١). وَمِنَ الحُجَّةِ لَهُمْ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ شُرَاحَةَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ لَهَا: "اسْتُكْرِهْتِ؟ قَالَتْ: لَا. قَالَ: فَلَعَلَّ رَجُلًا أَتَاكِ فِي نَوْمِكِ" (٢). قَالُوا: وَرَوَى الَأثْبَاتُ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَبِلَ قَوْلَ امْرَأَةٍ ادَّعَتْ أَنَّهَا ثَقِيلَةُ النَّوْمِ، وَأَنَّ رَجُلًا طَرَقَهَا، فَمَضَى عَنْهَا، وَلَمْ تَدْرِ مَنْ هُوَ بَعْدُ) (٣).

وفي قصة شراحة (٤) التي جلدها علي - رضي الله عنه - يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة أيضًا هو سألها فقال لها: لعلك استكرهت، لعل رجلًا أتاك في نومك، فكأنه يلقنها حجتها، وهذه أمور يتوثق منها، كما في قصة تلك المرأة التي ذهبت تصلي فلقيها رجل فاعتدى عليها فواقعها فبدأت تصرخ


(١) مذهب الأحناف، يُنظر: "لسان الحكام"، لابن الشحنة (ص: ٣٩٨)، وفيه قال: "لو قال الرجل: زنيت بهذه المرأة وأنكرت المرأة الزنا لا حد عليه في قول أبي حنيفة -رحمه الله -، وقال صاحباه: يحد ولو قال الرجل: زنيت بهذه المرأة، وقالت: لا بل تزوجني فإنه يحد وعليه المهر لها". وانظر: "المبسوط"، للسرخسي (٩/ ٥٢).
ومذهب الشافعية، يُنظر: "حاشية البجيرمي على الخطيب" (٤/ ١٧٥)، وفيه قال: "وإذا ظهر بالمرأة الحرة حمل لا زوج لها وكذلك الأمة التي لا يعرف لها زوج وتقول أكرهت، أو وطئت بشبهة فلا يجب عليها حد".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٤١٠)، بسنده عن النزال بن سبرة، قال: إنا لبمكة إذ نحن بامرأة اجتمع عليها الناس حتى كاد أن يقتلوها، وهم يقولون: زنت زنت، فأتى بها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهي حبلى، وجاء معها قومها، فأثنوا عليها بخير، فقال عمر: أخبريني عن أمرك، قالت: يا أمير المؤمنين كنت امرأة أصيب من هذا الليل، فصليت ذات ليلة ثم نمت، وقمت ورَجُلٌ بين رِجلي، فقذف فيَّ مثل الشهاب ثم ذهب، فقال عمر - رضي الله عنه -: لو قَتَل هذه مَن بين الجبلين، أو قال: الأخشبين - شك أبو خالد - لعذبهم الله، فخلى سبيلها وكتب إلى الآفاق: أن لا تقتلوا أحدًا إلا بإذني.
(٤) سبقت هذه القصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>