للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيحصل منك ذلك؟! " قالت: "لا والله قال: "فعائشة خير منكِ" (١)، ولذلك قال: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)} [النور: ١٢]، وهذا هو شأن مبين؛ لأن المسلم دائمًا ينبغي أن يحافظ على عِرض أخيه المسلم وأن يدافع عنه، ولذلك يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله" (٢)، فينبغي أن يكون المؤمن دائمًا ذاكرًا لله -سبحانه وتعالى-، متجنبًا أذى المؤمنين، ولذلك لمَّا سأل معاذ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وإنَّا لمؤاخَذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ " قال - صلى الله عليه وسلم -: "ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: "على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم؟! " (٣)، ولسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن أهنته أهانك، ولذلك كل مؤمن لا يرضى أن يُمس بالأذى ولا أن يُجرح ولا أن تُمس أسرته ولا أولاده، ولا أن يصيب الأذى والديه وأقاربه، كذلك أيضًا ينبغي أن يكون المؤمنون دائمًا صفًّا واحدًا، وهم مطالبون بأن يتعاونوا على البر والتقوى ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان، ومن يخوض في أذى أحد المسلمين فإنه قد أعان المعتدي - المتكلمَ - على الإثم والعدوان؛ ولذلك جاء ما يتعلق بتحريم الإفك دي كتاب الله - عز وجل - قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٥]، {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)} [النور: ٢٣].

وفي الحديث المتفق عليه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اجتنبوا السبع


(١) أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (٣/ ٩٧٨) عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بعض الأنصار: أن امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الإفك ما قالوا، فقال لها: "يا أم أيوب، أكنت تفعلين ذاك؟ " فقالت: "لا والله"، فقال: "فعائشة - والله - خير منك وأطيب"، فأنزل الله - عز وجل -: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)} [النور: ١٢] يعني قول أبي أيوب لأم أيوب، وكان أبو أيوب قال لها: "إن الذين قالوا لها هو إفك".
(٢) أخرجه أحمد في "المسند" (١٧٧٣٤) وقال الأرناؤوط: "إسناده صحيح".
(٣) أخرجه الترمذي (٢٦١٦) وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>