للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الموبقات يعني: المهلكات (١) القاصمات للظهر، والصحابة حريصون على أن يعرفوا ما هي، قالوا: "وما هن يا رسول الله؟ " قال - صلى الله عليه وسلم -: "الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات" (٢)، وذلك يأتي موافقًا لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)} [النور: ٢٣].

ولذلك قال الله تعالى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور: ١٥]، وقال أيضًا: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦)} [النور: ١٦].

فالواجب على المسلم إذا سمع ذَمُّا في أخيه المسلم وهو لا يعرف حقيقةَ ذلك، أن يقول: "هذا بهتان عظيم" كما أرشد الله -سبحانه وتعالى- إلى ذلك، وسورة النور مدرسة؛ فيها تعليم للمؤمنين، وهي من السور التي فيها إصلاح للمجتمعات وتوجيه لها والأخذ بأيدي المؤمنين إلى طريق الخير، فإنها لم تقتصر فقط على الزنا ولا القذف، ولكنها بينت الآداب التي تتعلق بالاستئذان والزيارة، وكثيرًا من الأمور التي يحتاجها الإنسان في معاملاته وعلاقة المؤمن بربه … إلى غير ذلك من الأحكام التي فيها الدعوة إلى الاستجابة لله تعالى ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وخطورة مثل هذه الأمور واضحة، وقد يتساهل الإنسان أحيانًا في الأمر، فربما يجلس في مجلسٍ ما فيجد الناس يخوضون في عِرض مؤمن، فهو بين أمرين: إمَّا أن يسكت ولا ينكر فهو آثم، وإمَّا أن يخوض مع الخائضين وهو أيضًا أشد إثمًا، وهذا خلاف ما أرشد الله -سبحانه وتعالى- إليه وأرشد إليه رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم -.


(١) الموبقات: المهلكات. يقال: وبق يوبق: إذا هلك. انظر: "تفسير غريب ما في الصحيحين" للحميدي (ص ٤٢٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢٧٦٦)، ومسلم (١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>