من الأدلة التي أيضًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تؤذوا المؤمنين ولا تُعيِّروا المؤمنين ولا تطلبوا عوراتهم؛ فإن من تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله -سبحانه وتعالى- عورته حتى يفضحه في بيته"(١)، وهذا أمر معروف، فإن عادة الذين يشتغلون بالقيل والقال والذين يتتبعون هفوات الناس ويتتبعون عثراتهم - ينتهي بهم المطاف إلى أن تجدهم حديث الناس أكثر من غيرهم، لكن المؤمن السعيد التقي النقي الذكي يوفقه الله -سبحانه وتعالى- إلى الخير فيبتعد عن هذه الطرق، وما أجمل أن نرى أحيانًا بعض العوام الذين لم يتعلموا: إذا سمع أحدهم قولًا - ولو خفيفًا - في فلان فإنه يقوم ويغادر المجلس، وقد رأينا نماذج من الصالحين من عوام الناس الذين لم يتعلموا، فتجد أن نفوسهم تشمئز، وقلوبهم تنفر من سماع قول في مؤمن، فما بالكم بالذين تعلَّموا أو درسوا أو بمن يلزم دروس العلم؟! فهذه من أخطر الأمور التي تقضي على حسنات المؤمن؛ لأن الإنسان إذا جاء يوم القيامة فإنه يُؤخذ من حسناته، ولما سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من المفلس؟ "، قالوا:"المفلس فينا من لا دينار له ولا درهم"، قال: "لا، المفلس من يأتي يوم القيامة بأعمال صالحة: يأتي بصلاة وصيام وصدقة، لكنه شتم هذا وضرب هذا وأكل مال هذا، فيُؤخذ من حسناته فتُعطى هذا، حتى إذا لم يبق له حسنات أُخذ من سيئاتهم فطُرحت
(١) أخرجه الترمذي (٣٠٣٢) عن ابن عمر قال: صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فنادى بصوت رفيع، فقال: "يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (٢٣٣٩).