للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه" (١)، وفي بعض الروايات: "حتى يُطرح في النار" (٢)، يعني إذا فنيت حسناته، وهذا من أخطر الأمور، ولذلك نجد أن الصالحين يشغلون أوقاتهم بذكر الله، والله تعالى يقول: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (٢٨)} [الرعد: ٢٨]، وهذه هي السعادة، والمؤمن يدرك ذلك تمامًا إذا ضاقت عليه الأرض ونزلت به مشكلات أو بعض المصائب في هذه الحياة الدنيا - ولا يسلم منها أحد -؛ فكل الناس يُبتلون، والله تعالى خلق الإنسان في كَبَد، أمَّا الحياة التي فيها السعادة والنعيم الذي لا يُنغَّص ففي جنة عرضها السماوات والأرض، أما الدنيا فإنها لا تصفو لأحد مهما بلغ من المرتبة والمال والصحة، فلا بد أن تمر به أوقات تنغص عليه حياته - وما أكثرها - ولكنه إذا عطر لسانه دائمًا بقول: "لا إله إلا الله" يجد أن هموم الدنيا قد تسربت كأنها خرجت من جميع مسام بدنه بشرط أن يقولها بقلب خاشع مدركًا لمعناها؛ فإنه بلا شك تسعد نفسه ويطمئن فؤاده.

وللقذف أركان ثلاثة: فهناك قاذف - وهو الذي يتعدَّى على غيره -، وهناك مقذوف - وهو الذي رُمي بالقذف -، وهناك القذف - وهو الفعل -.

أمَّا العقوبة، فإن الله -سبحانه وتعالى- قد بيَّنها ولم يترك بيانها لغيره، فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ٤]، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النور: ٢٣]، والحديث الذي مر: "اجتنبوا السبع الموبقات" (٣)، الموبقات: المهلكات


(١) أخرجه مسلم (٢٥٨١) عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أتدرون ما المفلس؟ " قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم الفيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، وبأتي قد شثم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار".
(٢) أخرجه الترمذي (٢٤١٨)، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (ص ٤٧).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>