للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التي تقضي على أعمال الإنسان … فأنتم تعلمون أننا لو أردنا أن نتكلم عن ذاك الحديث لاحتجنا إلى وقت، فهل هناك ذنب أعظم من الشرك؟! ولذلك بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشرك بالله" ثم ذكر بعد ذلك قتل النفس التي حرم الله بغير حق، والله تعالى يقول: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} [النساء: ٩٤]، ثم ذكر بعد ذلك أكل الربا، وقد حرم الله الربا في مواضع كثيرة من كتابه العزيز؛ فقال: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦]، {لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً} [آل عمران: ١٣٠]، {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٩]، وكذلك من أخطر الأمور أن يُعتدى على اليتيم، ذلك المسكين الذي فقد والده وهو في صغره، فكيف يتجرأ إنسان على أن يمد يده إلى ماله؟! والله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} [النساء: ١٠]، وكذلك التولي يوم الزحف؛ فإنه لا ينبغي للمسلم أن يكون جبانًا، ثم جاء بعد ذلك آخرها وهو قذف المحصنات العفيفات الغافلات المعرضات عن الأذى المقبلات على الله -سبحانه وتعالى- المؤمنات به تصديقًا وعملًا، فكيف يتجرأ إنسان على أن يرمي المؤمن مؤمنًا أو مؤمنةً؟! وقد حصل ذلك كما تعلمون، ولذلك نزلت آية القذف.

• قوله: (فَأَمَّا الْقَاذِفُ: فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا (١) عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ وَصْفَيْنِ، وَهُمَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ).


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (٧/ ٤٠) حيث قال: "أما الذي يرجع إلى القاذف فأنواع ثلاثة؛ أحدها: العقل. والثاني: البلوغ، حتى لو كان القاذف صبيًّا أو مجنونًا لا حد عليه".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التاج والإكليل" للمواق (٦/ ٢٩٨) حيث قال: "حد القذف يجب بوصفين في القاذف وهما: البلوغ والعقل".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ٢٥٦) حيث قال: "وأما الشروط المعتبرة في القاذف فثلاثة شروط: البلوغ، والعقل، والحرية".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٢٠٠) حيث قال: "يشترط في صحة قذف القاذف: أن يكون مكلفًا. وهو العاقل البالغ".

<<  <  ج: ص:  >  >>