للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني: أن يكون مكلَّفًا؛ لأنه لو رمى صغير غيرَه - أو مجنون -، فكل منهما قد رُفع عنه القلم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث علي وغيره - يقول: "رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن الصغير حتى يبلغ" (١)، إذن، هو مرفوع عنه القلم؛ لأنه غير مكلف فلا تجب عليه الأحكام ولا يعاقَب، فكيف يقام عليه حد القذف؟! وهو نفسه لا يقام عليه حد الزنا، إذن فكذلك ما يتعلق بالقذف.

• قوله: (وَسَوَاءٌ أَكَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، حُرًّا أَوْ عَبْدًا، مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ). وهذه شروط القاذف، ولا فرق بين أن يكون ذكرًا أو أنثى، فلو أن رجلًا قذف رجلًا أو قذف امرأةً، أو أن امرأة قذفت رجلًا أو امرأة، فإنه يُقام عليهما الحد، وحتى لو كان القاذف عبدًا فإنه يقام عليه الحد إذا قذف حرًّا أو حرةً، والكافر أيضًا لو قذف حرًّا أو حرة فإنه يقام عليه الحد، إذن فالمؤلف عندما قال استثنى البلوغ والعقل، ثم استدرك فقد بيَّن أن القذف يقام على الذكر وعلى الأنثى، وأيضًا على الحر وعلى العبد، وعلى المسلم والكافر، وسواء في ذلك الذكر والأنثى، والحر والعبد، والمسلم وغير المسلم.

• قوله: (وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ فَاتَّفَقُوا (٢) عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ).

وهذا هو الذي يأتي في الدرجة الأُولى، وأمَّا المقذوف: فهو الذي


(١) أخرجه أبو داود (٤٤٠٠)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٩٧).
(٢) مذهب الحنفية، يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٩١٤) حيث قال: "وإحصان القذف: العقل والبلوغ والحرية والإسلام والعفة عن الزنا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "التلقين" للقاضي عبد الوهاب (ص ٥٠٣) حيث قال: "وما يراعى في المقذوف فالعقل والبلوغ والإسلام والحرية والعفة عما رمي به".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المطلب" للجويني (١٥/ ١٠٥) حيث قال: "نشترط أن يكون المقذوف بالغًا، عاقلًا، حرًّا، مسلمًا، عفيفًا من الزنا".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٢٠٣) حيث قال: "والمحصن: هو الحر المسلم العاقل العفيف، الذي يجامع مثله".

<<  <  ج: ص:  >  >>