للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانوا مجتمعين أو أخذهم واحدًا واحدًا فقال: "يا فلان أنت زانٍ، ويا فلان … " وهكذا حتى أنهاهم، وهذا عند الإمام مالك لا يختلف، أمَّا عند بقية الأئمة الثلاثة فهم يفرِّقون، فيقولون بقول مالك إذا رماهم بكلمة واحدة، وهذا قول الشافعي، فلو رماهم بكلمة واحدة فإنه يرى أن القذف حق وهو حق للمقذوف وهو تعدٍّ عليهم وهو أيضًا حق لكل واحد منهم، فله أن يطالب به ويُحَدَّ من أجل قذفه له، وليس حدًّا مشتركًا، فهذه المسألة: إذا رمى جماعةً بكلمة واحدة: اختلف العلماء في ذلك، فذهب الإمامان مالك وأحمد إلى أنه ليس عليه إلا حد واحد، وذهب الإمام الشافعي أنه يُحد بعددهم؛ لأنه حق لا يتبعَّض ولا يتجزَّأ، فكل واحد منهم قد اعتُدي عليه فله حقه المستقل، أما المسألة الأُخرى إذا رماهم بكلمات: فهذا يختلف الحكم فيه، فإن الإمامان أبا حنيفة وأحمد يتفقان مع الشافعي في ذلك، فإنه يُحد عن كل واحد منهم، والإمام مالك هو الذي بقي قوله مستقرًّا ثابتًا في المسألة فلم يفرق. إذن ليس الأمر كما ذكر المؤلف.

• قوله: (وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ (١)، وَأَبُو حَنِيفَةَ (٢)، وَالثَّوْرِيُّ (٣)، وَأَحْمَدُ (٤)، وَجَمَاعَةٌ) (٥).


(١) يُنظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد الجد (٣/ ٢٦٤) حيث قال: "قول مالك ومن قال بقوله: إن عليه حدُّا واحدًا، قذفهم في كلمة واحدة أو مفترقين في مجالس شتى".
(٢) يُنظر: "المبسوط" للسرخسي (٩/ ١١١) حيث قال: "ولو قذف جماعة في كلمة واحدة أو في كلمات متفرقة لا يقام عليه إلا حد واحد عندنا".
(٣) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٣/ ٣٢١) حيث قال: "قال أصحابنا ومالك والثوري والليث: إن قذفهم بقول واحد أو أفرد كل واحد فعليه حد واحد".
(٤) مذهب الحنابلة: التفرقة بين قذفهم بكلمة واحدة أو بكلمات متفرقة، فيوجبون حد واحد للواحدة ويعددون الحد في المتفرقة.
يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٦/ ٢٠٩) حيث قال: " (ومن قذف جماعة يتصور زناهم عادة بكلمة) واحدة كقوله: هم زناة (ويتجه ولو كررها)؛ أي: الكلمة، وهو متجه (فطالبوه) كلهم ولو متفرقين (أو) طالبه (أحدهم) (ف) عليه (حد واحد) … و) إن قذفهم (بكلمات) بأن قذف (كل واحد بكلمة)؛ أي: جملة (ف) عليه (لكل واحد) منهم (حد) ".
(٥) مثل الليث بن سعد: يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٥١٧) حيث قال: "واتفق =

<<  <  ج: ص:  >  >>