للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا هو خلط المؤلف، وبه قال مالك، ولكن أبا حنيفة (١)، وأحمد مع الشافعي (٢)، فيما يتعلق بما إذا رماهم بكلمات وخافوهم، فإذا جمعوا في كلمة واحدة فإن الإمامين أبا حنيفة وأحمد مع مالك إذا رماهم بكلمة واحدة، ومع الشافعي إذا رماهم بكلمات، فما الفرق بينها؟ العلماء علَّلوا ذلك وقالوا: لأنه عند المالكية ومَن أخذ بقولهم إذا رماهم بكلمات كان كما لو سرق حق جماعة، فهل يُقطع عن كل واحد منهم أو يقطع مرة واحدة؟ قالوا: يقطع مرةً واحدةً، ولو زنى بعدد من النساء هل يختلف الحكم؟ هل يُجلد مرةً واحدةً أو يُجلد أكثر من مرة؟ قالوا: مرة واحدة، قالوا: كذلك لو شرب أنواعًا من المسكر فهل يُحد مرة واحدة؟ قالوا: نعم. لكن الآخرين - وهم الجمهور - ردوا على المالكية وجاؤوا بقياس آخر، فقالوا: إن القذف حق للآدميين فلا يسقط بمثل ذلك، وحق للآدميين فلا يسقط إذا طالب به واحد منهم، بل هو ثابت لكل واحد منهم، وقاسوا ذلك على الديون وكذلك على القصاص، فقالوا: فإن هذه لا تسقط، قالوا: وردوا على المالكية فقالوا: هو قياس مع الفارق؛ لأن الذي قست عليه هو حق لله تعالى والقذف إنما هو حق للآدمي، والمالكية مترددون في القذف: هل هو حق لله أو هو مشترك بين الآدمي.

• قوله: (وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَدٌّ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ (٣)،


= مالك وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والليث بن سعد أنه إذا قذفهم بقول واحد أو أفرد كل واحد منهم فليس عليه إلا حد واحد".
(١) مذهب الحنفية كما ذكره المؤلف، وتقدم النقل عنهم.
(٢) سيأتي مذهب الشافعي.
(٣) يُنظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١/ ١١٩) حيث قال: "اعلم أن قذف الواحد لجماعة ضربان: أحدهما: أن يفرد قذفهم، والثاني: أن يشرك بينهم فإن أفرد قذفهم … فلا يختلف مذهب الشافعي وأكثر الفقهاء أن عليه لكل واحد منهم حدًّا، وأما إن شرك بينهم في القذف بكلمة واحدة، فقال لجماعتهم: زنيتم، أو قال لهم: يا زناة، ففيه قولان".

<<  <  ج: ص:  >  >>