للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك، وينبغي للمسلم عمومًا - وطالب العلم خصوصًا - أن يطلب الحق ومن أقرب طريق وأهدى سبيل، وألا يأخذه التعصب لأنه درس مذهب فلان أو لأنه يرتاح إلى فلان أو قول فلان.

• قوله: (وَأَمَّا مَنْ يُقِيمُ الْحَدَّ، فَلَا خِلَافَ (١) أَنَّ الإِمَامَ يُقِيمُهُ فِي الْقَذْفِ).

ليس المراد أن الإمام يقيمه بيده، لكن المراد أن يأمر به فيُقام، وأن يكون ذلك تحت سلطته ورعايته وقد مر بنا في بعض المسائل: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢]، وفي أحكام أُخرى بأن الإمام في حد القصاص يكون حاضرًا أو نائبه حتى لا يحصل حيف أو تعدِّ، وهناك اختلفوا كما تعلمون في حد القصاص: من الذي يقيمه هل الإمام أو ولي دم القتيل؟ هناك من قال: ولي الدم، وهناك من قال: الإمام، والذين قالوا: الإمام، قالوا: أقل ما في الأمر أن يحضر، حتى لا يحصل حيف ليطمئن إلى عدم التعدي إلى الآلة التي يُقتص بها، ورأيتم هناك اختلاف: هل يقاد بالسيف أم أنه يقاد بما فعله الإنسان؟ إن غرق غرق، وإن خنق خنق، وإن ألقى عليه صخرة أُلقي عليه كما فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - باليهوديين (٢)،


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الهداية" للمرغيناني (٢/ ٩٨) حيث قال: "الحد حق الله تعالى؛ لأن المقصد منها إخلاء العالم عن الفساد، ولهذا لا يسقط بإسقاط العبد فيستوفيه من هو نائب عن الشرع وهو الإمام أو نائبه".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (٩/ ١٦٠) حيث قال: "وما كان بتصرف الإمامة لا يثبت إلا بتشريع الإمام له في كل حادث كالحدود".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المهذب" للشيرازي (٣٤١٣) حيث قال: "لا يقيم الحدود على الأحرار إلا الإمام، أو من فوض".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الهداية" للكلوذاني (ص ٥٣٢) حيث قال: "ولا يقيم الحدود أحد إلا الإمام، أو نائبه".
(٢) أخرجه البخاري (٢٤١٣)، ومسلم (١٦٧٢) عن أنس - رضي الله عنه -: أن يهوديًّا رضَّ رأس جارية بين حجرين، قيل: من فعل هذا بكِ، أفلان، أفلان؟ حتى سُمي اليهودي، فأومأت برأسها، فأخذ اليهودي، فاعترف، "فأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فرُضَّ رأسُه بين حجرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>