للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخطر من ذلك تُقبل فيها التوبة، ويُغفر للإنسان فيها، وما دام أنه تاب ورجع إلى الله تعالى فتُقبل شهادته.

• قوله: (فَمَنْ قَالَ: يَعُودُ إِلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ قَالَ: التَّوْبَةُ تَرْفَعُ الْفِسْقَ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الاسْتِثْنَاءَ يَتَنَاوَلُ الأَمْرَيْنِ جَمِيعًا قَالَ: التَّوْبَةُ تَرْفَعُ الْفِسْقَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ. وَكَوْنُ ارْتِفَاعِ الْفِسْقِ مَعَ رَدِّ الشَّهَادَةِ أَمْرٌ غَيْرُ مُنَاسِبِ فِي الشَّرْعِ (أَيْ: خَارجٌ عَنِ الُأصُولِ)؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ مَتَى ارْتَفَعَ قُبِلَتِ الشَّهَادَةُ. وَاتَّفَقُوا (١) عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَرْفَعُ الْحَدَّ).

ومراد المؤلف أن الذي يقدح في الشهادة إنما هو الفسق؛ لأنه يُشترط في الشاهد أن يكون عدلًا كما رأينا في شهود الزنا الذين عددناهم أن يكونوا عدولًا، وكذلك الذين يقذفون يُشترط فيهم أن يكونوا عدولًا، فلا يكونوا فُسَّاقًا ولا يكونوا كفارًا، إذن لا بد من وجود شرط العدالة فيهم، يقوله المؤلف: إذا ارتفع الفسق يحل محله العدل، فيصبح عدلًا، وإذا أصبح عدلًا كانت شهادته مقبولةً، وهذه لفتة طيبة من المؤلف.

(وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ لَا تَرْفَعُ الْحَدَّ)، نعم، التوبة لا ترفع الحد، بل الحد يقام.


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "البناية شرح الهداية" للعيني (٧/ ٨٩) حيث قال: "والقذف لا يسقط بالتوبة عندنا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "عقد الجواهر الثمينة" لابن شاس (٣/ ١١٧٢) حيث قال: "ولا تسقط الحدود بالتوبة، ولا بصلاح الحال، ولا بطول الزمان".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "المهذب" للشيرازي (٣/ ٣٦٨) حيث قال: "أما الحد الذي لا يختص بالمحاربة ينظر فيه فإن كان للآدمي وهو حد القذف لم يسقط بالتوبة؛ لأنه حق للآدمي".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الكافي" لابن قدامة (٤/ ١٧٢) حيث قال: "ولا يسقط حق الآدمي من القصاص وغرامة المال وحد القذف؛ لأنه حق الآدمي فلم يسقط بالتوبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>