أي: إن أمدَّ الله في عمره فسيُدوِّن كتابًا في فروع مذهب الإمام مالك، وقلتُ لكم: سيأتي في كتاب القذف بأن المؤلف سيشير إلى ذلك، وقد مر في أحد الكتب بأنه قال: سأكتب في أصول مذهب مالك، لكن هنا قال "إن أنسأ الله في عمري"، أي: أمدَّ الله تعالى في عمري وأعطاني مزيدًا من الحياة فسأكتب كتابًا في فروع مذهب مالك؛ لأنه هنا كتب في أمهات المسائل وكبرياتها، لكن يبدو أنه ما تمكن من ذلك.
إذن، الآن سيبين المؤلف لكم مثلًا يذوب له القلب كمدًا إن كان في القلب إيمان وإسلامٌ، هو سيشير إلى بلاد الأندلس؛ لأنه في وقته كانت بلادًا للمسلمين، وكانت تزخر بالعلوم، وكانت تلك العلوم يستفيد منها أهل تلك البلاد، وأهل أوروبَّا إنما اقتبسوا أصول العلم من المسلمين، لكن تغيرت الأحوال! بعد فهو عندما كان يتكلم كان يتكلم عن القرن السابع لأنه مات في أوائل القرن السابع.
ولعلك تعلم أنَّ محمد عبد الرحمن الداخل - أحد أمراء بني أمية - عندما قامت الدولة العباسية فرَّ إلى الأندلس وأنشأ تلك الدولة العظيمة، وكانت تعتد بالعلوم وتزخر بها، وكانت مشعلًا مضيئًا أضاء في دياجير الظلام في تلك البلاد، ولكن مشكلة المسلمين التي تتكرر في كثير من العصور هي أنهم ينشغلون بالخلافات فيما يفرق كلمتهم، فيجد الأعداء ذلك فرصةً لهم فينقضُّون عليهم! هذه أمور تكررت، ومع ذلك لا يزال المسلمون يحصل منهم مثل ذلك، لكنهم لو اتحدت كلمتهم - ولا يكفي اتحاد الكلمة - بل لا بد أن يلجؤوا إلى الله -سبحانه وتعالى- وأن يُحكِّموا شريعته، وأن