للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أمتي" (١)، وفي رواية: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" (٢)، وأيضًا ربما يكون الإنسان في مهلكة، فلا يجد ما يدفع به إلا قليلًا من الخمر، فلو شرب الخمر في هذا المقام فإنه لا يجب عليه الحد؛ لأنه مضطر، كما قال الله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ} [المائدة: ٣]، فالمكرَه لا يقام عليه الحد، ولكن الذي يقام عليه الحد هو الذي يشربها مختارًا، وأن يكون -كما سيأتى- مكلَّفًا، لا يكون صبيًّا صغيرًا لا يَعرف أو مجنونًا وَجد كأسًا من الخمر فشربه وهو لا يعقل، فلا يقام عليه الحد؛ لأن الذي يقام عليه الحد هو الذي تتوفر فيه الشروط، والحد لا يقام إلا ببينة، بمعنى أن يشهد شاهدان عدلان مسلمان بأنه شرب الخمر أو أن يعترف هو بأنه شرب الخمر.

وهل لو شُمَّت في لسانه الرائحةُ يقام عليه الحد؟ سيأتي الخلاف في هذه المسألة.

والخلاف ليس عند جماهير العلماء، ولكن تعلمون أن الحنفية يخصصون الخمر بعصير العنب، وأيضًا يقولون: عصير العنب إذا اشتد وقَذف بالزَّبَد أو أنه طُبخ وذَهب أيضًا ثلثاه، وكذلك نقيع التمر وكذلك نقيع الزبيب، فهذه كلها يعتبرونها من الخمر، أما لو طُبخ وذهب أكثر من ثلثيه فهذا لهم فيه كلام، ويستدلون بحديث: "حُرِّمت الخمر بعينها" (٣)، والسُّكْر من كل شراب، وحديثهم لا شك حديث ضعيف، وهو ليس شيئًا بالنسبة لتلكم الأحاديث التي أخذ بها جماهير العلماء.

قوله: (فَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ (٤): حُكْمُهَا حُكْمُ الْخَمْرِ فِي تَحْرِيمِهَا).


(١) لم أقف عليها بهذا اللفظ.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٠٤٥)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (٨٢).
(٣) أخرجه العقيلي في الضعفاء (٤/ ١٢٤) وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (١٢٢٠).
(٤) يُنظر: "مختصر خليل" (ص ٢٤٦) حيث قال: "بشرب المسلم المكلف ما يسكر جنسه طوعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>