للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وِإِيجَابُ الْحَدِّ مَنْ شَرِبَهَا: قَلِيلًا كَانَ أَوْ كثِيرًا، أَسْكَرَ أَوْ لَمْ يُسْكِرْ).

فإذا كان كما جاء في الحديث: "ما أسكر كثيره فقليله حرام" (١)، ليس معنى هذا أنه يشترط أن يُسْكر، فلو قُدِّر بأنَّ كأسًا يُسْكر من الخمر فشرب منه -مثلًا- شربةً واحدةً، فإنه لا يقال بأن هذا لم يشرب الخمر؛ لأن ما أسكر كثيره فقليله حرام، وأكثر من ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر" (٢)، و"كل" هذه صيغة للعموم، فتعم "كل مسكر خمر وكل خمر حرام "، "ما أسكر قليله فكثيره حرام "، ما أسكر منه الفرق الذي يساوي ستة عشر لترًا فملء الكف منه حرام، المهم أنه يسكر.

قوله: (وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ (٣): الْمُحَرَّمُ مِنْهَا هُوَ السُّكْرُ، وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ).

وهو الذي يفسرونه بعصير العنب: نقيع التمر إذا اشتد وقذف بالزَّبَد عندهم، يعني ظهر عليه الزَّبَد، أو هو أيضًا نقيع التمر، أما ما عداها فلا إلا ما يُسْكر، أما غيرهم فيقول: ما أسكر كثيره فقليله حرام.

قوله: (وَقَدْ ذَكَرْنَا عُمْدَةَ أَدِلَّةِ الْفَرِيقَيْنِ فِي كِتَابِ الأطْعِمَةِ وَالأَشْرِبَةِ).

فالذين يقولون بتحريم الخمر مطلقًا استدلوا بالآية، ومن ذلك قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "كل مسكر خمر وكل خمر حرام" (٤)، قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسكر كثيره فملء الكف منه حرام" (٥)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أسكر منه الفرق فملء


(١) تقدم تخريجه أول المسألة.
(٢) تقدم تخريجه أول المسألة.
(٣) يُنظر: "الاختيار لتعليل المختار" لابن مودود الموصلي (٤/ ٩٨)، حيث قال: "ويحد بشرب قطرة من الخمر، وبالسكر من النبيذ".
(٤) تقدم تخريجه أول المسألة.
(٥) لم أقف عليها بهذا اللفظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>