للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْقولة المَعْنى؛ لأنها لا مَجالَ للرَّأي فيها، ولا للبَحْث عن تَعْليلاتها.

والأعمال الَّتي وَرَدت بها الشريعة الإسلامية نوعان:

* مباحةٌ (١).

* وَمَطْلوبةٌ.

أوَّلًا: الأعْمَالُ المُبَاحة: والأصلُ في هذا النَّوع من الأعمال أنه لا تُشْترَط فيه النية؛ لأن المباحات ليس فيها قُرْبة إلى الله إلا أن فاعلَها سيُثَاب إذا نوى بها التعبُّد، كأن يفعلَها قاصدًا بها وجه الله، أو التَّأسِّي فيها بالنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، كمَنْ قصد بنكاحه - مثلًا - غض بصره، وتحصين فرجِهِ؛ امتثالًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " يا معشرَ الشَّباب، مَن استطاعَ منكم الباءةَ، فليَتزوَّجْ، فإنَّه أغضُّ للبَصَر، وأحْصَن للفَرْج" (٢)، أو قصد به تكثير الأُمَّة؛ امتثالًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " تزوَّجوا الودودَ الولودَ، فإني مكاثرٌ بكم الأمم يوم القيامة" (٣)، فهاهنا لا شكَّ أنه سيُثَاب؛ لأن نيَّته نقلت الفعلَ من دائرة المباح إلى دائرة التعبُّد بسبب تحقُّق النية في الفعل.

ثانيًا: الأعمال المطلوبة: وهذه إما أن تكون نواهِيَ، وإما أن تكون أوامرَ.

أمَّا النَّواهي: كالكَذِب والسَّرقَةِ والغَصب والزِّنا وشُرْب الخمر، إنما يكفي المكلَّف مجرَّد الابتعَاد عنها، ولا تُشتَرَط فيها النيَّة، والنَّفقَات على الأقَارب، وعلَى الزَّوجات، وأدَاء الأمانات إلى أهلها، وَرَد الأموال المغصوبة، كل هذه أمور لا تحتاج إلى نِيَّةٍ؛ لأن المقصودَ منها هو الخروج من عهدة هذا الأمر بأدائها إلى أصحابها، فالنَّوَاهي في جملتها لا يفتقر تَرْكها إلى نِيَّةٍ إلا أن يَتْركها الإنسان بنِيَّةِ طَاعَة الله، وابتغاء مرضاتِهِ،


(١) " المباح ": ما أَذِنَ الله في فعلِهِ وتركِهِ، غير مقترن بذم فاعلِهِ وتاركِهِ، ولا مدحه. يُنظر: " روضة الناظر " لابن قدامة (١/ ١٢٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٦٥)، ومسلم (١٤٠٠).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٠٥٠)، وصحَّحه الأَلْبَانيُّ في " إرواء الغليل " (١٧٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>