للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى كلٍّ: فقد اتَّفق الجمهور على قتله (١).

قوله: (فَنَحْنُ إِذًا بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ نَفْهَمَ مِنَ الحَدِيثِ الكُفْرَ الحَقِيقِيَّ، فَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتأَوَّلَ أَنَّهُ أَرَادَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ مُعْتَقِدًا لِتَرْكِهَا فَقَدْ كَفَرَ. وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ اسْمَ الكُفْرِ عَلَى غَيْرِ مَوْضُوعِهِ الأَوَّلِ، وَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إِمَّا عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الكَافِرِ -أَعْنِي: فِي القَتْلِ وَسَائِرِ أَحْكَامِ الكُفَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَذِّبًا-، وإِمَّا عَلَى أَنَّ أَفْعَالَهُ أَفْعَالُ كَافِرٍ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ وَالرَّدْعِ لَهُ (أَيْ: أَنَّ فَاعِلَ هَذَا يُشْبِهُ الكَافِرَ فِي الأَفْعَالِ)، إِذْ كَانَ الكَافِرُ لَا يُصَلِّي كمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (٢). وَحَمْلُهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الكَافِرِ فِي أَحْكَامِهِ لَا يَجِبُ المَصِيرُ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ فِي الشَّرْعِ مِنْ طَرِيقٍ يَجِبُ المَصِيرُ إِلَيْهِ؛ فَقَدْ يَجِبُ إِذَا لَمْ يَدُلَّ عِنْدَنَا عَلَى الكُفْرِ الحَقِيقِيِّ الَّذِي هُوَ التَّكْذِيبُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى المَعْنَى المَجَازِيِّ لَا عَلَى مَعْنًى يُوجِبُ حُكْمًا لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ فِي الشَّرْعِ بَلْ يَثْبُتُ ضِدُّهُ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ دَمُهُ، إِذْ هُوَ خَارجٌ عَنِ الثَّلات الَّذِينَ نَصَّ عَلَيْهِمُ الشَّرْعُ فَتَأَمَّلْ هَذَا، فَإِنَّهُ بَيِّنٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

الأمر الأول: هذا تأويل الذين يقولون بعدم كفره ويقتل حدًّا، ويأولون قوله -صلى الله عليه وسلم-: "العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كفَرَ" (٣)،


= لا يقتل لانتفاء الدليل الواضح على قتله بل ينخس بحديدة، وقيل يضرب بخشبة، أي: عصا".
(١) قدمنا نقل ذلك عنهم.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) تقدَّم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>