للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها من الأدلة التي تحكم بكفره؛ بأن المقصود بالترك هنا: الإنكار؛ فتارك الصلاة -عندهم- الذي ترك الصلاة، وأنكر وجوبها.

ويقولون: بأنه يوجد في كلِّ مجتمع من المجتمعات الإسلامية السابقة، مَن لا يصلي ويرث ويورث، ولم يعرف أنهم كانوا يقتلون!

لكن؛ هل عرف أن هذا الشخص لا يصلي، واستقرَّ ذلك عندهم؟!

ألم يقل الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلَاةُ العِشَاءِ، وَصَلَاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ" (١).

فكيف يحرق الرسول -صلى الله عليه وسلم- عليهم بيوتهم مع أنهم كانوا يصلون، ولكنهم كانوا يتخلفون عن شهود صلاة الجماعة فقط؟! فما بالك بمن يترك الصلاة بالكلية؟!

الأمر الثاني؛ الذي فيه معنيان:

المعنى الأول: أَنَّ حكم تارك الصلاة كحُكْمِ الكَافِرِ في القَتْلِ وَسَائِرِ أَحْكَامِ الكُفَّارِ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَذِّبًا، فالمؤلف قد أنكر ثبوت الكفر الحقيقي عليه، وحمله على المجازي؛ فقال بعدها: (لَا يجِبُ المَصِيرُ إِلَيْهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، لِأنَّهُ حُكْمٌ لَمْ يَثْبُتْ بَعْدُ فِي الشَّرْعِ مِنْ طَرِيقٍ يَجِبُ المَصِيرُ إِلَيْهِ) مع أنه قد ثبت سابقًا أن الذي حكم عليه بالكفر الحقيقي الواضح بدون قرينة تصرفه إلى الكفر المجازي، هو الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأدلة التي ذكرناها.

وأما (الثَّلَاثُ الَّذِينَ نَصَّ عَلَيْهِمُ الشَّرْعُ) في حلِّ دمهم كما في الحديث المتفق عليه: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ


(١) أخرجه مسلم (٦٥١/ ٢٥٢) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>