للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ" (١)، وتارك الصلاة يدخل في قوله: "وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ المُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ".

في المعنى الثاني: قولهم في حديث: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ" (٢) في تأويل كفر تارك الصلاة على أنه كَافِرٌ عَلَى جِهَةِ التَّغْلِيظِ وَالرَّدْعِ لَهُ؛ فيه مساواة بين فريضة الصلاة وبين غيرها من سائر العبادات كتركَ الزنا والسرقة ونحوها، في الوجوب والفرضية، وهذا لا يصح.

فمع خطورة السرقة والزنا وشرب الخمر، وأنها من الكبائر ولها حدود معروفة؛ لكنها أيضًا لا تصل إلى حكم الصلاة؛ فهي تختلف عن الزنا والسرقة؛ فهي ركن من أركان الدين.

وبعض العلماء: يرى أن الإيمان يخرج من الزاني أو السارق حين فعله لهذا الذنب؛ ثم إذا عدل عن جريمته وانتهى منها، وتاب رجع إليه إيمانه (٣).

وليس معنى ذلك: أنه خرج عن الدين أو كفر؛ كما يقول المعتزلة أو الخوارج.

قوله: (أَعْنِي أَنَّهُ يجِبُ عَلَيْنَا أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ نُقَدِّرَ فِي الكَلَامِ مَحْذُوفًا إِنْ أَرَدْنَا حَمْلَهُ عَلَى المَعْنَى الشَّرْعِيِّ المَفْهُومِ مِنِ اسْمِ


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) قال الماوردي في "الحاوي الكبير" (١٣/ ٢٦٨): "ويحتمل تأويلها أربعة أوجه: أحدها: يعني أنه لا يستحلها وهو مؤمن؛ لأن تحريمها منصوص فيكفر باستحلالها.
والثاني: يعني لا يفعل أفعال المؤمنين؛ لأن المؤمن يمتنع منها.
والثالث: معناه لا يصدق أنه يحد إن زنا، ويقطع إن سرق، ويجلد إن شرب الخمر؛ لأنه لو تحقق أنه يقام عليه لامتنع منه ولم يقدم عليه.
والرابع: أنه قاله مبالغة في الزجر عنها كما قال: "مَن قتل عبده قتلناه، ومن غل صدقته فإنا آخذوها منه وشطر ماله".

<<  <  ج: ص:  >  >>