للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ عَلَى وُجُوبِهِ، إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْحَدِّ الْوَاجِبِ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ) (١).

كان في هذا خلافٌ زمن الصحابة، وبيَّنوا للذين كان لهم وجهة نظر ورجعوا إلى الحق وأنابوا إلى الله؛ لأنَّ عمر - رضي الله عنه - لما ناقش قُدامة لما تلا الآية: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا … (٩٣)} [المائدة: ٩٣]، قال: إذا اتقيتَ واجتنبتَ ما حرَّم الله، وقبل ذلك قال له: لقد أخطأتَ يا قدامة، إذا اتقيتَ تجنبتَ ما حرم الله (٢).

قوله: (الْحَدُّ فِي ذَلِكَ ثَمَانُونَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ) (٣).

إذن هناك اختلاف في مقدار الحد؛ لأنه جاء في حديث أنس - رضي الله عنه - المتفق عليه أنه قال: أُتي برجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فضُرب بالنعال أربعين، وفي زمن أبي بكر فصنع به مثل ذلك، وفي زمن عمر - رضي الله عنه -، فاستشار الصحابة فقال عبد الرحمن بن عوف: يُجلد جلد الحر ثمانين (٤)، وجاء فيِ بعض الروايات أنه استشار عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال له: "إذا سكر هَذى، وإذا هَذَى افترى فيُجلد حدَّ الفرية" (٥) يعني حد القذف الذي


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "مختصر القدوري" (ص ١٣٩) حيث قال: "وحد الخمر والسكر في الحد ثمانون سوطًا".
ومذهب المالكية، يُنظر: "شرح مختصر خليل" للخرشي (٨/ ١٠٨) حيث قال: "يجب بشرب المسلم ما يسكر جنسه ثمانون جلدة على الحر، وأربعون جلدة على الرفيق، ذكرًا أو أنثى".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (١٠/ ٢٢٩) حيث قال: "ومن شربه مختارًا عالمًا أن كثيره يسكر، فليلًا كان أو كثيرًا: فعليه الحد ثمانون جلدة". هذا المذهب. وعليه جماهير الأصحاب ".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (١٠/ ١٧١) حيث قال: "الطرف الثاني في الحد الواجب في الشرب وهو أربعون جلدة على الحر، وعشرون على الرقيق ".
(٤) أخرجه مسلم (١٧٠٦).
(٥) أخرجه النسائي (٥٢٦٩)، وضعَّفه الألباني في "إرواء الغليل" (٢٠٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>