للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الشافعي يرى بأن حد الحر هو أربعون، فيكون حد المملوك على النصف -والنصف هو عشرون-، فلم يخرج الإمام الشافعي عن قاعدته، وهي رواية أُخرى للإمام أحمد (١).

قوله: (وَعِنْدَ مَنْ قَالَ: ثَمَانُونَ -أَرْبَعُونَ).

إنما أخذوا بما فعله عمر - رضي الله عنه -، وجاء تعليله بأنه كثر التساهُل وكثر الذين يشربون الخمر، فاستشار الصحابة فأشاروا عليه بذلك، وممن أشار عليه عبد الرحمن بن عوف وعلي بن أبى طالب - رضي الله عنه -، فيكون النصف أربعون.

قوله: (فَعُمْدَةُ الْجُمْهُورِ: تَشَاوُرُ عُمَرَ وَالصَّحَابَةِ لَمَّا كَثُرَ فِي زَمَانِهِ شُرْبُ الْخَمْرِ) (٢).

وبهذا نتبين أهمية الشورى ومكانتها في الإسلام، ومع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينزل عليه الوحي وما كان ينطق عن الهوى، ولكنه كان يستشير أصحابه في ذلك، وتعلمون بأن من أوليات استشارته لأصحابه: ما حصل في وقعة بدر عندما استشارهم في المكان: أين يقفون؟ قالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم -: "أهو الرأي أم هي الحرب والمشورة؟ "، قال: "بل الرأي والمشورة"، فبيَّنوا له الموقف الذي ينبغي أن يكون (٣)، وتلك الآبار التي


(١) يُنظر: "المبدع" لابن مفلح (٩/ ٩٣) حيث قال: "والرقيق عبدًا كان أو أمَة -على النصف من ذلك كالزنى والقذف، فكذا من شرب الخمر من باب أوْلى، فعلى الأوْلى: يُحدُّ أربعين: وعلى الثانية: عشرين ".
(٢) تقدَّم.
(٣) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٣/ ٣٥) وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (٣٤٤٨)، أن النبي لما جاء أدنى ماء من بدر نزل عليه، فقال له الحباب بن المنذر: "يا رسول الله، منزل أنزلَكَه الله ليس لنا أن نتعداه ولا نقصر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ " فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بل هو الرأي والحرب والمكيدة"، فقال الحباب: "يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، ولكن انهض حتى تجعل القُلُب كلها من وراء ظهرك … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>