للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجريد وبالنعال يدلُّ على أنَّه حد، ولكن تعلمون بأن الخمر كان الناس مولعين بها في ذلك الوقت وتأثروا بها وكانوا قد تعلقوا بها، وذكرتُ لكم ذلك؛ ولذلك لمَّا جاء تحريمها لم يأتِ دفعةً واحدةً، بل مر بمراحل ثلاث، سؤال ثم نزلت الآية، ثم النهيُ عنها وقت الصلاة، ثم جاءت الآية الحاسمة للخلاف، الرافعة له المقرِّرة تحريمها وأنه ارتكاب لحد من حدود الله تعالى.

قوله: (وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ "، فَجَعَلَ عُمَرُ مَكَانَ كلِّ نَعْلٍ سَوْطًا (١). وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا، وَهُوَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم - ضَرَبَ فِي الْخَمْرِ أَرْبَعِينَ" (٢)، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عَلِيِّ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ (٣) مِنْ طَرِيقٍ أَثْبَتَ (٤)، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ) (٥).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٥٠٣).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٥٠٤).
(٣) أخرجه مسلم (١٧٠٧).
(٤) أخرجِ مسلم (١٧٠٧) عن حُضَيْنُ بْنُ الْمُنْذِرِ أَبُو سَاسَانَ، قَالَ: شَهِدْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّان وَأُتِيَ بِالْوَلِيدِ قَدْ صَلَّى الصُّبْحَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: أَزِيدُكُمْ، فَشَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلَانِ؛ أَحَدُهُمَا: حُمْرَانُ أَنَّهُ شَرِبَ الْخَمْرَ، وشَهِدَ آخَرُ: أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأُ حَتَّى شَرِبَهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ، قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: قُمْ يَا حَسَنُ فَاجْلِدْهُ، فَقَالَ الْحَسَنُ: وَلِّ حَارَّهَا مَنْ تَوَلَّى قَارَّهَا، فَكَأَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ جَعْفَرٍ قُمْ فَاجْلِدْهُ، فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ، فَقَالَ: أَمْسِكْ، ثُمَّ قَالَ: "جَلَدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أرْبَعِينَ"، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ.
(٥) يُنظر: "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" للهيتمي (٩/ ١٧١)؛ حيث قال: " (وحد الحر أربعون) لخبر مسلم أن عثمان أمر عليًّا بجلد الوليد فأمر الحسن فامتنع فأمر عبد الله بن جعفر - رضي الله عنهم - فجلده وعلي يعد حتى بلغ أربعين، فقال: أي علي أمسك، ثم قال: "جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين" وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين أي بإشارة ابن عوف لما=

<<  <  ج: ص:  >  >>