للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكرت لكم فيما يتعلق بعلي، وأنه جلَد الوليد بن عقبة أربعين، ثم فسَّر حكمه فقال: جلَد رسول الله أربعين، فعليٌّ فهم ذلك، إذن هناك حد فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره (١) قال: "جلَد رسول الله أربعين، وجلَد أبو بكر أربعين، وجلَد عمر ثمانين، وكُلٌّ سُنَّة" يعني كل ذلك سُنَّة، والناس في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختلفون عن غيرهم، ولذلك جاء في الحديث: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (٢)، فهل عصرنا كعصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ الجواب: لا، هل عصرنا كعصر القرون المفضلة؟ الجواب: لا، ولكننا بحمد الله في هذه البلاد -كما ترون- بلاد تطبق فيها شريعة الله سبحانه وتعالى.

وهذه من جملة الأحاديث التي وردت في حد شرب الخمر وحكم شاربها.

قوله: (وَأَمَّا مَنْ يُقِيمُ هَذَا الْحَدَّ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الإِمَامَ يُقِيمُهُ، وَكَذَلِكَ الأَمْرُ فِي سَائِرِ الْحُدُودِ. وَاخْتَلَفُوا فِي إِقَامَةِ السَّادَاتِ الْحُدُودَ عَلَى عَبِيدِهِمْ، فَقَالَ مَالِكٌ (٣): يُقِيمُ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ حَدَّ الزِّنَا وَحَدَّ الْقَذْفِ إِذَا


= استشار عمر الناس في ذلك، وكل سنة وهذا أحب إلي وبه يرد زعم بعضهم إجماع الصحابة على الثمانين، واستشكل ذكر الأربعين بما في البخاري أنه جلده ثمانين وجمع بأن السوط له رأسان والقصبة واحدة، وقوله: وكل سنة بما صح عنه أيضًا أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه ولهذا كان في نفسه من الثمانين شيء وقال: لو مات وديته وكان يحد في إمارته أربعين، ويجاب بحمل النفي على أنه لم يبلغه أولًا والإثبات على أنه بلغه ثانيًا أو لم يسنه بلفظ عام يشمل كل قضية بل فعله في وقائع عينية وهي لا عموم لها ثم رأيت ما يؤيد هذا وهو ما في جامع عبد الرزاق "أنه - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر ثمانين ".
(١) أخرجه أبو داود (٤٤٨٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٦٥٢)، ومسلم (٢٥٣٣) ولفظه: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم ".
(٣) يُنظر: "التبصرة" للخمي (١٣/ ٦٢٣٠)؛ حيث قال: "للسيد أن يقيم على عبده حد الزنى والقذف وشرب الخمر وما أشبه ذلك مما هو جلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>