للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعضهم: إن الأصل الورق، ويقوم الذهب به، فإن نقص ربع دينار عن ثلاثة دراهم، لم يقطع سارقه.

(وَاخْتَلَفُوا فِيمَا تُقَوَّمُ بِهِ سَائِرُ الأَشْيَاءِ الْمَسْرُوقَةِ مِمَّا عَدَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ (١): تُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالرُّبُعِ دِينَارٍ، أَعْنِي: إِذَا اخْتَلَفَتِ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ مَعَ الرُّبُعِ دِينَارٍ؛ لاخْتِلَافِ الصَّرْفِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ الرُّبُعُ دِينَارٍ فِي وَقْتٍ دِرْهَمَيْنِ وَنِصْفًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): الأَصْلُ فِي تَقْوِيمِ الأَشْيَاءِ هُوَ الرُّبُعُ دِينَارٍ، وَهُوَ الأَصْلُ أَيْضًا لِلدَّرَاهِمِ، فَلَا يُقْطَعُ عِنْدَهُ فِي الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ إِلَّا أَنْ تُسَاوِيَ رُبُعَ دِينَارٍ. وَأَمَّا مَالِكٌ فَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ عِنْدَهُ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ بِنَفْسِهِ. وَقَدْ رَوَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي تَقْوِيمِ الْعُرُوضِ إِلَى الْغَالِبِ فِي نُقُودِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ؛ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الدَّرَاهِمَ قُوِّمَتْ بِالدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الدَّنَانِيرَ قُوِّمَتْ بِالرُّبُعِ دِينَارٍ. وَأَظُنُّ أَنَّ فِي الْمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الرُّبُعَ دِينَارٍ يُقَوَّمُ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ. وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي التَّقْوِيمِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ، وَالأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُدُ (٣). وَبِقَوْلِ مَالِكٍ الْمَشْهُورِ قَالَ أَحْمَدُ (٤)، أَعْنِي:


(١) يُنظر: "التهذيب في اختصار المدونة" للبراذعي المالكي (٤/ ٤٢٥)؛ حيث قال: "من سرق فضة نظر إلى وزنها دون قيمتها من الذهب، وإنما يقوم غير الذهب والفضة من سائر الأشياء، فمن سرق عرضًا قيمته ثلاثة دراهم قطع وإن لم يساو من الذهب ربع دينار. ولو ساوى ربع دينار ولم يساو ثلاثة دراهم، لم يقطع. وإنما تقوم الأشياء بالدراهم، وصرف الدينار في حد القطع والدية اثنا عشر درهمًا، ارتفع الصرف أو انخفض ".
(٢) "المجموع شرح المهذب" (٢٠/ ٨١)؛ حيث قال: "وقال الشافعي: الأصل في تقويم الأشياء هو الذهب؛ لأنه الأصل في جواهر الأرض كلها، حتى قال: إن الثلاثة الدراهم إذا لم تكن قيمتها ربع دينار لم توجب القطع ".
(٣) يُنظر: "الاستذكار" (٧/ ٥٣١) لابن عبد البر؛ حيث قال: "وبه قال أبو ثور وداود كلهم يقدروا بدينار في تقويم العروض المسروقة، وفي الصرف أيضًا ارتفع الصرف أو اتضع".
(٤) يُنظر: "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" للمرداوي (١٠/ ٢٦٢)؛ حيث قال:=

<<  <  ج: ص:  >  >>