للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَعُمْدَةُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ النَّبِيَّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قَطَعَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ" (١). وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَوْقَفَهُ مَالِكٌ وَأَسْنَدَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ إِلَى النَّبِيِّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا" (٢)).

حجتهم: ما روى ابن عمر: "أن رسول الله قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم "، وهو حديث متفق عليه.

قال ابن عبد البر: هذا أصح حديث يروى في هذا الباب، لا يختلف أهل العلم في ذلك (٣).

(وَأَمَّا عُمْدَةُ فُقَهَاءِ الْعِرَاقِ فَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورُ، قَالُوا: وَلَكِنَّ قِيمَةَ الْمِجَنِّ هُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ. وَقَدْ خَالَفَ ابْنَ عُمَرَ فِي قِيمَةِ الْمِجَنِّ مِنَ الصَّحَابَةِ كَثِيرٌ مِمَّنْ رَأَى الْقَطْعَ فِي الْمِجَنِّ كابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "كَانَ ثَمَنُ الْمِجَنِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ فَى دَرَاهِمَ" (٤). قَالُوا: وَإِذَا وُجِدَ الْخِلَافُ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ وَجَبَ أَنْ لَا تُقْطَعَ الْيَدُ إِلَّا بِيَقِينٍ، وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ هُوَ كلَامٌ حَسَنٌ لَوْلَا حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَهوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَجَعَلَ الأَصْلَ هُوَ الرُّبُعُ


(١) أخرجه مسلم (١٦٨٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٨٩).
(٣) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٥٣٠)؛ حيث قال: "أدخل مالك رحمه الله في أول هذا الباب الحديث المسند الصحيح الإسناد حديث بن عمر وهذا أثبت ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في معناه وهو يوجب القطع في كل عرض مسروق يبلغ ثمنه ثلاثة دراهم ".
(٤) أخرجه بهذا السند ابن أبي شيبة (٢٨١٠٤): عن ابن عباس: "لا يقطع السارق في دون ثمن المجن، وثمن المجن عشرة دراهم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>