للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِينَارٍ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَاعْتَضَدَ عِنْدَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ بِحَدِيثِ عُثْمَانَ الَّذِي رَوَاهُ، وَهُوَ أَنَّهُ قَطَعَ فِي أُتْرُجَّةٍ قوِّمَتْ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِم، وَالشَّافِعِيُّ يَعْتَذِرُ عَنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الصَّرْفَ كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَالْقَطْعُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَحْفَظُ لِلأمْوَالِ، وَالْقَطْعُ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَدْخَلُ فِي بَابِ التَّجَاوُزِ، وَالصَّفْحِ عَنْ يَسِيرِ الْمَالِ وَشَرَفِ الْعُضْوِ).

الحديث الذي احتج به أبو حنيفة يرويه الحجاج بن أرطأة، وهو ضعيف، والذي يرويه عن الحجاج ضعيف أيضاً.

والحديث الثاني؛ لا دلالة فيه على أنه لا يقطع بما دونه، فإن من أوجب القطع بثلاثة دراهم، أوجبه بعشرة، ويدل هذا الحديث على أن العرض يقوم بالدراهم؛ لأن المجن قوم بها؛ ولأن ما كان الذهب فيه أصلًا، كان الورق فيه أصلًا، كنصب الزكاة، والديات وقيم المتلفات.

وقد روى أنس، أن سارقًا سرق مجنًّا ما يسرني أنه لي بثلاثة دراهم، أو ما يساوي ثلاثة دراهم، فقطعه أبو بكر. وأتي عثمان برجل قد سرق أترجة، فأمر بها عثمان فأقيمت، فبلغت قيمتها ربع دينار، فأمر به عثمان فقطع.

(وَالْجَمْعُ بَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ وَفِعْلِ عُثْمَانَ مُمْكِنٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرُ مُمْكِنٍ عَلَى مَذْهَبِ غَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَ الْجَمْعُ أَوْلَى مِنَ التَّرْجِيحِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَوْلَى الْمَذَاهِبِ، فَهَذَا هُوَ أَحَدُ الشُّرُوطِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْقَطْعِ).

الجمع ممكن على مذهب الشافعي وأحمد، وبالفعل الجمع أولى فيكون مذهبهما أقوى.

(وَاخْتَلَفُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي فَرْعٍ مَشْهُورٍ، وَهُوَ إِذَا سَرَقَتِ الْجَمَاعَةُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ -أَعْنِي: نِصَابًا- دُونَ أَنْ يَكُونَ حَظُّ كلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>